نصوم لنلقى وجه السّيّد. (16)
يرتبط الصّوم ارتباطاً وثيقاً بقراءة الكلمة المقدّسة، كلمة الله الحيّة في الكتاب المقدّس.
والقراءة هنا تتّخذ معنى الإصغاء إلى الله، إلى الرّوح الّذي يحيي، وليس إلى الحرف الّذي يقتل.
وبالتالي علينا أن نبتعد عن القراءات السّطحيّة الّتي لا تقودنا إلى الولوج في الفكر الإلهي.
ففي كلّ كلمة من كلام الرّبّ نبع من المعرفة وفيض من الحكمة.
" إنْ كنتم تحِبُّونني فَاحْفظُوا وصَايايَ" (يو 14: 15).
لا يحفظ الوصيّة إلّا من فهمها، ولا يفهمها إلّا من أصغى وترسّخ في قلبه معناها.
والأهمّ، لا يحفظ الوصيّة إلّا من أحبّ الشّخص الّذي أوصى بها،
إذ لا يمكن العمل بكلام شخص لا نحبّه ولا نعرفه.
وفي كلّ مرّة نلج هذا البحر العظيم،
أي الكتاب المقدّس،
ونصغي إلى الرّبّ المتكلّم فيه نكتشف معانٍ جديدة لأنّ كلمة الرّبّ حياة تتجدّد كلّ حين.
ولا نعني بكلمة تتجدّد، أنّه يبطل معناها الأوّل،
وإنّما مراد القول أنّ الكلمة الإلهيّة ليست جماداً وإنّما حركة حياة مستمرّة.
يقول القدّيس أمبروسيوس: " عندما نسمع كلام الله أو نقرأه، فالرّبّ هو الّذي يتكلّم.
وعندما نصلّي فنحن من نتكلّم وإنّما نستعمل كلماته." تلك عظمة الإصغاء للرّبّ والحوار معه.
فبإصغائنا له والتّأمّل بكلمته المحيية والعمل بها، ندخل في دائرة القداسة إذ كلّ ما بين أيدينا مقدّس،
كلاماً وقولاً وفعلاً. من هنا نعتبر الصّوم ينقّي نفوسنا لأنّه مرتبط بشكل وثيق بكلمة الرّب المقدّسة.
أيّها المسيح الحبيب، افتح أعين قلوبنا حتّى نقرأ الكلمة ونتأمّلها.
طهّر مسامعنا حتّى لا نسمع إلّا صوتك الهامس في أعماقنا.
اجعلنا نخبّئ كلامك في قلبنا حتّى لا نخطئ إليك ( مز 11:119).
أنت الّذي يليق بك وحدك كلّ حبّ ومجد وإكرام، مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس.
الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين.
أمين.
مادونا عسكر