نصوم لنلقى وجه السّيّد. (17)
" ليتنا ننتفع بضرورة الصّلاة وندرك أنّ في تركها فقدان حياة النّفس إذ هما شيء واحد لا ينفصل.
( القديس يوحنا فم الّذهب)
النّفس تحيا بالصّلاة وتتّزن وترتقي وتبدع.
وإذا نحن نصلّي فلكي نلتقي بمن يصلّي فينا ومعنا.
فالصّلاة هي الوسيلة الحضاريّة الّتي نتفاعل بها مع الله ونصغي له ويصغي لنا.
نكلمّه ويكلّمنا، ونناجيه ويناجينا. هذا التّفاعل يتطلّب حبّا كبيراً بيننا وبين حبيبنا الإلهي.
كما يفترض هدوءاً ورصانة واحتراماً لا مثيل له.
فالحبيب ليس ككلّ الأحبّة وبالتّالي فالتّواصل معه ينبغي أن يكون مختلفاً بل سامياً ورفيعاً.
حريّ بنا في الصّوم المبارك أن نعيد النّظر في كيفيّة صلاتنا.
هل تنحصر في إطار الطّلب والاستجابة؟ ومن هو الله بالنّسبة لنا؟
أهو الملزم باستجابة طلباتنا أيّاً كانت أم هو العارف بمكنونات قلوبنا والسّاهر علينا؟
أهو الحقيقة الّتي نسعى لملامستها أم صنم نقرّب له الذّبائح كيما يحقّق رغباتنا؟
" وإذ كان يصلّي في موضع، لما فرغ، قال واحد من تلاميذه: " يا رب، علمنا أن نصلي"..
لقد لمس هذا التّلميذ أنّ السّيّد يصلّي بطريقة مغايرة لتلك الّتي اعتادها،
ولعلّه عاين تفاعلاً بهيّاً بين المسيح والآب.
لم نسمع التّلاميذ يقولون للرّبّ ( علّمنا أن نبشّر أو أن نعظ) بل علّمنا أن نصلّي.
لأنّه متى أدركنا الطّريقة السّليمة سهل كلّ التّبشير والوعظ.
والأهمّ هو اللّقاء الحميميّ بيننا وبين الله.
ولعلّ صلواتنا تتّخذ أحياناً منحىً آخر غير ذلك الّذي يريده الرّبّ،
لأنّنا كثيراً ما نردّد الكلام والنّصوص وتتحوّل لغتنا إلى حروف تخرج من الفم دون أن يعبّر عنها القلب.
الصّلاة هي فرح اللّقاء بالسّيّد وفرح النّفس الظّامئة إليه أبداً.
وكلّ ما نحتاجه في حياتنا اليوميّة، وكلّ ما نرغب أن يحصل أو لا يحصل مجرّد تفاصيل. " إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. اطلبوا تأخذوا، ليكون فرحكم كاملاً." ( يو 24:16).
أيّها المسيح الحبيب، باسمك الحيّ القدّوس نطلب الفرح الكامل المعدّ لنا من قبل أن نكون.
وباسمك الّذي يعلو كلّ اسم،
نرجو حضورك الدّائم فينا مشرّعين أبواب قلوبنا لمحبتك اللامتناهية.
أنت وحدك الّذي يليق بك كلّ حبّ ومجد وإكرام، مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس.
الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين.
أمين.
مادونا عسكر