'الراهبة المتواضعة
حصل مع القديس الناسك بيتيريم الذي أخبره الملاك ذات مرة
بأنه بالرغم من كل جهاداته فهو لم يصل بعد لدرجة القداسة
التي وصلت إليها إحدى مريدات الرهبنة التي تعيش في دير شركوي.
وبإرشاد من الملاك انطلق القديس بيتيريم قاصداً ذلك الدير.
ولدى وصوله هناك طلب من رئيسة الدير أن تريه جميع راهبات الدير.
وعندما حضرت جميعهنّ وابتدأن بأخذ البركة، سأل القديس بيتريم:
- ألا يوجد أخت أخرى؟
فأجابت الرئيسة:
- يوجد، لكن لا يجوز إحضارها، هي شبه مجنونة ونحن نحتملها هنا في الدير
من أجل الشفقة فقط.
ومع ذلك أصرّ القديس على إحضارها.
أتت الأخت لابسة أسمالاً مهلهلة
وإيشاربها منسحل على رأسها. سألها القديس:
- أين كنت يا أم؟
فأجابت:
- كنت مستلقية عند البالوعة.
فقال لها القديس:
لماذا هكذا يا أم، ألم تجدي مكاناً أفضل؟
فأجابت:
- أنا لا أستحق مكاناً أفضل من هذا.
فسمح لها القديس بيتيريم بالذهاب، ثم توجّه نحو الرئيسة والأخوات وقال:
- ديركم هذا يملك كنزاً لا يُقدّر بثمن،
أختكم هذه المتواضعة هي مُرضية عظيمة لله.
اضطربت الراهبات جميعهنّ لدى سماعهنّ ذلك.
فواحدة اعترفت للقديس بأنها كثيراً ما كانت تضرب تلك الأخت،
وثانية اعترفت بأنها كانت تشبعها شتماً،
وثالثة تحتقرها جداً حتى أنها كانت لا تعتبرها إنساناً،
ورابعة اعترفت بأنها كانت عن قصد تسكب عليها الغُسالة (ماء الشطف).
أرادت الراهبات في الحال أن يطلبن السماح من تلك الأخت،
فلما علمت بأنهنّ يردن الاعتذار منها،
غادرت الدير سراً وذلك هرباً من المجد الباطل الذي من الممكن أن يهلكها.
قال الرب:
"من رفع نفسه إتّضع ومن وضع نفسه ارتفع'