نصوم لنلقى وجه السّيّد. (29)
" إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي" ( يو 15:14)
إنّ حفظ وصايا الرّب مرتبط بمدى محبّتنا له حتّى لا تبقى الوصايا مجرّد كلمات نحفظها،
وإنّما معناها في نفوسنا. وبقدر ما نحبّ السّيّد فبذات القدر نحقّق مشيئته في العالم.
إذا ما مات أحدهم وترك وصيّة، اهتمّ ذووه بتنفيذها بحذافيرها احتراماً له،
بل وإذا خالف أحدهم إحدى بنودها يمكن أن يتعرّض للمساءلة القانونيّة.
فحريّ بنا بالدّرجة الأولى أن نحترم وصايا المسيح الحيّ ونلتزم بتنفيذها إذا ما كنّا حقّاً نؤمن به.
ويقدر ما نحبّ المسيح بقدر ما نعمل بوصاياه.
ولا يكفي أن نردّد آيات من الكتاب المقدّس أو نحفظها عن ظهر قلب.
الموضوع يدخل في الإطار العملي ولا يبقى عند المستوى النّظري لحفظ الوصايا.
وأمّا الوصيّة الشّاملة لكلّ الوصايا والأساس للارتباط الإلهي الإنساني هي الوصيّة الجديدة:
"أعطيكم وصية جديدة: " أحبوا بعضكم بعضاً.
ومثلما أحببتكم أحبوا بعضكم بعضاً.
فإذا أحببتم بعضكم بعضاً عرف الناس أنكم تلاميذي". (يو 35،34:13).
إنّها الوصيّة العظمى الّتي تفرض علينا مسؤوليّة عظيمة قد لا نكون مدركين لها.
فالمسيح لم يدعُ إلى المحبّة والإخاء كسائر الأنبياء، وإنّما أراد ويريد تجلّيها من خلال محبّتنا لبعضنا البعض.
( فإذا أحببتم بعضكم بعضاً عرف الناس أنكم تلاميذي).
إنّ محبّتنا لبعضنا البعض كما أحبّنا المسيح، هي علامة الأزمنة الجديدة وحضور المسيح الحيّ في العالم. وهي التّبشير الصّامت والفاعل، فبمحبّتنا لبعضنا البعض نعلن المسيح للعالم.
لا نريد أن يعرفنا العالم أنّنا مسيحيّون من خلال أوراقنا الرّسميّة وإنّما من خلال الفعل الإلهيّ فينا. وهذا يرتكز بشكل أساسيّ على حفظ وصايا الرّبّ وعيشها كاملة بشجاعة واتّضاع.
ونحن نشرف على نهاية الصّوم المبارك،
لا بدّ لنا من وقفة تأمّل ومراجعة للذّات وفحص للضّمير كيما نتبيّن إذا ما كنّا فعليّاً نعمل بما أوصانا به السّيّد. فنتباعد عن كلّ ما يعيق هذه المحبّة، حتّى لا نحجب صورة المسيح عن العالم.
وحده الّذي يليق به كلّ مجد وإكرام، مع أبيه وروحه الحيّ القدّوس.
الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين.
أمين.
منقول / مادونا عسكر