الشعانين
بقلم:
سيادة المطران جورج خضر الجزيل الإحترام،
متروبوليت جبل لبنان للروم الارثوذكس
"قولوا لابنة صهيون هوذا ملكُكِ يأتيك وديعًا راكبًا على أتانٍ وجحشٍ ابنِ أتانٍ".
أليس هذا لنقول لهم أنَّكَ في واقع القوّة لا تملُك وفي السياسة ليس لك شيء؟
تأتي اليها لتقتُلكَ؟
من يذهب سواك إلى الموت طوعًا؟
لماذا اخترت الموت طريقًا إلى حياتنا؟
لماذا تطوّعت له ولم تغلِب بلا موت؟
لماذا اخترت مقهوريَّتك لقهر الشيطان؟
هل لعلمِكَ انَّها هي وضعنا الطبيعي الدائم
وانّك فيها تلقى كلّ بشر؟
لماذا كان يجب ان تنزل إلى كلّ هذا الشقاء؟
ألعلمِكَ أنّ الشقاء هو وضعُنا الأساسيّ والسائد؟
لماذا أردتَ ان تلقانا في خطايانا؟
هل لعلمِكَ انَّنا هناك، بصورة عاديّة، نبيت؟
من دخل إلى مكانٍ ليموت فيه؟
غيرُك تقبَّل الموت، لم يقتحمه.
أكان ذلك لتعلِّمنا أن لا حياة لنا
الاَّ من موتٍ أي من موتِ الأهواء والمنافع والخطيئة؟
أظنُ أنَّ تحدِّيكَ إيَّانا هو في قولك إن طريقكُم إلى الحياة هي الموت.
وفهمنا بعد هذا أن موتكَ أنتَ لا موتنا هو قيامتنا.
كيف يذهب إنسان طوعًا إلى موته؟
من سيرتك تعلَّمنا ان موتنا حبًا هو طريقنا إلى القيامة
وفهمنا انه لا ينبغي ان نُحبَّ الموت ولكن القيامة من بين الأموات.
الموت قصاص، مفيد فقط لمن قبله طريقًا إلى الحياة في الله.
نحن لا نسعى إلى التألُّم.
هذا تفسير خاطئ لضرورة اقترابنا من المسيح.
المسيحيّة ليست ديانة الألم.
هو فينا، لم نخترعه.
ولكنَّك منه تذهب إلى هناك وإلى فوق.
ما دعا يسوع إلى الألم.
هو فيك، يأتيك وتتقبَّله إلى حين وتتجاوزه بفرح القيامة الآتية إلى قلبك.
خطأ التعليم الذي يوحي بأنَّه عليك ان تستلذَّ الألم.
أنت بحركة أولى تستقبله ولكنَّك تفعل هذا لتتجاوزه ويُحسبُ لك هذا برًا.
الواقع يأتي به اليك ولكن ربَّك لا يريد له ان يبقى.
تقبَّله لا صبرًا اليه ولكن إلى ربّك وبهذا تُزيله.
الله لا يريد ان يفتَعِلَه فيك.
إذا جاءك يُربِّيك به.
الكلّ يُحرّرهم في الحياة الأبديّة والخِبرة الروحيَّة تقول
أنَّ الله يُعطينا التربية عليه بالألم.
لا يُريدك الربّ ان تفتعل الأوجاع فيك ولكنَّها تجيء.
أنت لا ترحّب بها ولكنَّها ان حلَّت اِقْبَلْ أنْ تُربِّيك.
لماذا لا بدّ من ان تعبُر بالألم؟
لمْ يُجبْ يسوع عن هذا السؤال
ولكنَّه لما اقتبل أوجاعه فهِمْنا أن هذا ما يجب علينا ان نفعله.
غير صحيح ان المسيحية ديانة الألم.
هي قبول لألم لم يستشرنا أحد به
لأنّ القبول هو ارتضاء ما يؤتى الينا بعده أي تعزيات الروح القدس.
لماذا الدنيا قائمة على أنّ القيامة،
قيامة كلّ إنسان تسبقها أوجاع؟
أظن ان هذا من باب الواقع ولكن من باب الإيمان
إنّ ارتضاء الألم في الطاعة لله طريقنا إلى القيامة
ليس الآتية فقط ولكن الحَالَّة فينا بالمحبّة.
إلى ان يقيمنا الله من بين الأموات نحن في قبضته.
بيتُنا رحمة كلّ منا للآخر.
ان حيينا أو متنا نحن معه نرجو كلّ يوم حنانه.
والرفق هو المناخ ونتعزَّى حتَّى ينزل.
جريدة النهار السبت ٤ نيسان ٢٠١٥