يوم الأربعاء العظيم
يظهر صورتين مختلفتين:
صورة المرأة التي دفقت الطيوب على رأس يسوع في بيت عنيا
وصورة التلميذ الذي خان معلمه. وقد توجد بعض الصلة بين هذين الفعلين,
إذ أن التلميذ نفسه كان قد احتج على كرم المرأة الظاهري.
نحتفل مساء يوم الثلاثاء أيضاً بخدمة الختن.
وتشير التراتيل مراراً إلى "التلميذ العادم الشكر" و"المرأة الزانية".
لكن انجيل السحر لا يتعلق بحادثة بيت عنيا,
بل يقول لنا كيف طلب يسوع من الآب خلال أحاديثه الأخيرة مع الشعب:
"مجّد اسمك".
(إن هذه العبارة نموذج ومثال للصلاة البنوية, المحبة الواثقة).
وسُمع إذ ذاك صوت من السماء يقول:
"لقد مجدت وسأمجد".
إن هذا التمجيد الجديد سيكون في آلام المسيح وقيامته.
وكذلك تشير بعض مقاطع هذا الإنجيل بوضوح إلى هذه الآلام.
نتابع في قداس البروجيازماني قراءة نبوءة حزقيال:
يأمر الله النبي أن يذهب إلى الناس بدون خوف وينقل إليهم ما سمعه من الفم الإلهي.
نتابع أيضاً قراءة سفر الخروج, حيث يهرب موسى إلى أرض ميديان بعد
قتله لمصري كان يضرب أحد العبرانيين, وكيف تزوج هناك.
وأيضا قراءة من سفر أيوب: يطلب الشيطان من الله أن يسمح له بأن يجرب أيوب في جسمه بالذات,
لكن أيوب المثقل بالجروح, يأبى, رغم تحريض امرأته, أن يلعن الرب.
يسرد الانجيل رواية دهن رأس يسوع بالطيوب في بيت عنيا من قبل أمرأة
فأنبها أحد التلاميذ .
أما يسوع فيجيب مادحاً المرأة وقائلاً:
"فإن المساكين عندكم في كل حين, أما أنا فلست عندكم في كل حين....إنما حفظته ليوم دفني".
عنها ذهب يهوذا الاسخريوطي,وكان واحداً من الاثني عشر إلى الكهنة قائلاً
"ماذا تعطوني وأنا أسلمه لكم".
فوافق الكهنة أن يدفعوا ليهوذا مبلغ ثلاثين من الفضة.
أثنى يسوع على عمل المرأة لأن هذا العمل كان أولاً تكريماً مسبقاً مقدماً لموته ودفنه,
ومن ثم لأنه تعبير عن محبة كبيرة ليسوع كان من الجائز والشرعي أن توجهه
له بدل المساكين في هذه الفترة القصيرة التي كان مستمراً في قضائها بين البشر.
يمكننا أن نجد في كلام يسوع توجيهاً واضحاً لعملنا. بارك يسوع من جهة كرم المرأة لأسباب معينة:
وجوده المنظور بين البشر وقرب دفنه.
لكن هذه الأسباب لم تعد قائمة اليوم, فيكون الواجب بالتالي مختلفاً.
وبدون أن ندين استعمال الغنى والجمال لخدمة الله,
لا بد أن يسخَّرا خصوصاً في خدمة أعضاء جسد المسيح المتألمين.
بناء الكنائس الفخمة بينما الفقراء يموتون جوعاً هو عمل مشين بالنسبة لله.
لكن لحادثة بيت عنيا, مغزى أعم. يمكن لنا أن نظهر كرمنا ليسوع بأن نكرس له
ليس فقط أموراً مادية بل أموراً غير منظورة, كحياة صلاة, حياةنسك وتأمل, وتضحيات صعبة.
سيحتج العالم كما احتج التلاميذ في بيت عنيا:
لماذا هذا الإسراف وهذا التبذير؟
أليست الحياة العادية في خدمة البشر أنفع وأجدى؟
لكن يبقى تقدير "قيمة البذل" عصب كل دين حيّ.
فلنا الحق في أن ندفق على رأس يسوع طيباً غير منظور,
أي أن نخسر من أجله أحسن ما يوجد في حياتنا.
قلبنا هو أول قوارير الطيوب التي يجب كسرها أمامه, ومن أجله.
لا نتجاسر على تفسير وضع يهوذا لكثرة ظلمته وفظاعته.
يستحيل رفض النعمة بعد أن نكون قد امتلأنا منها.
كم من المسيحين لم يقولوا خلال حياتهم للهوى الأكثر تسلطاً عليهم-الجسد, المال, التكبر:
"إني على استعداد أن أبيعك يا يسو ع. قل لي ما هي الملذات التي ستمنحني إياها وأسلمه لك"؟
وفي العديد من الكنائس اليوم يمنح سر مسحة المرضى بعد ظهر الأربعاء
أو مساء اليوم لكل من المؤمنين الذين يودون تقبل عزاء روحي وجسدي.