زكا العشار
كان قصير القامة
…كان حجمه بين الناس علامة….بحث كتير ودرس ..ولمراتب بالعالم وصل..جابي ضرائب جامع
أموال…عشار مكروه من الناس مرفوض.…ظالم على أولاد جنسه…بالخيانة متهم…برغم معنى
اسمه "الطيب" الظلم غلب الأسم….والطيبة تحولت لاثم..…غير أبه للبشر...وبتعب الناس غير
مهتم…أما القلب ترى ماذا هناك ؟ ماذا يشعر وبماذا يفكر ؟ ماذا كانت حاله عندما يحل المساء ويجلس
مع نفسه يراجع دفاتره الخاصة بالضرائب ودفاتر اخرى مغلقة في صدره ؟هل كانت له الجرأة ان
يفتحها ويرى ما كتب فيها ؟؟ من يعرف داخل الانسان ؟ ومن يعلم داخل زكا ما كان راحة او الم
وبكاء...فرح رضى حزن ويأس وحيرة…وتلك الوسادة تتكلم ؟ نعم انها تتكلم ليلا يحاول النوم فتقض
مضجعه تخبره بما مر في يومه وما صنع وكم من النقود بغير حق جمع .... يستوى في فراشه
يصارع أفكاره يخفي قلقه وحيرته يزرع الغرفة بخطوات لا يعرف بداية ولا نهاية لها وصوت في داخله
يهمس هل رأيته هل عرفته من أشبع الجياع وشفى المرضى وغفر الآثام حتى تلك التي ناموسنا
دانها... ناموس ؟اه اين أنا منه ؟ أنا اليهودي المكروه من بني شعبي لأجل طبيعة عملي من سيغفر لي
؟ كل الإساءات التي صنعتها تجاه بني جنسي ؟ وكيف أقف امام الناموس ومن سببررني ؟.... وأفكار
وأفكار وكلام يعبر مع صور البعض رآها والبعض الاخر سمع عنها ولكن للان لم يرى محورها ومن
صنعها .... يزداد الشوق في صدره , وروحه تئن كي ترى ما لا يُرى .. نعم شيء يشدّ كيانه وذاته
تنتفض تثور على واقعه , يعود لفراشه منهك يرتمي دون أن يدري كيف سيكون غده .... ضجيج
الصباح والمارة والسوق والباعة والناس يتراكضون يتهامسون حيناً ويصرخون حيناً اخر ، سيمر من
هنا سيمر في احيائنا ... يتسآل زكا من سيمر ؟ ويأتيه صوت يقول يسوع الذي من الناصرة ....
تراكض زكا مع الجموع يريد ان يرى من هز كيانه اسمه ومن عرفه دون ان يراه بمسمعه ونبض قلبه
, لكن كيف ؟ الجموع يلتفون من حوله وأنا ؟ أنا قصير القامة لا أستطيع ان أراه .... لابد ان أراه ..
وركض زكا أمام الحشود الى أقرب جميزة , تسلق وانتظر!! حتما سيمر من هنا وساراه !! لم يبالي
بالجموع ولا بالعيون التي يملؤها الفضول .. لا مكانته ولا نظراتهم استطاعت ان تقتل رغبته وما
وضع في قلبه , أن يرى من سيعبر في محلته سمع عنه الكثير وشغف قلبه ان يراه فرصته الان
....همسات وغمزات وابتسامات وهزء وسخرية... لم توقفه بل وضعها زكا تحت قدميه ورفعته الى
أعلى كي يرى من شغل الفكر والروح والنفس منه.....وهو ما زال متفكرا يا زكا أسرع انزل لا بد ان
امكث اليوم عندك ..... باسمي ناداني عرفني دون ان يراني علم فكر قلبي من بعيد وأعلن لي بالتأكيد
ان سأصبح إنسان جديد .... كان لا بد من الكسر وامام الجموع وكان لا بد من تضميد جرح تلك
النفس المجروحة التواقة لرؤية يسوع .... اه يا سيد لو تعرف من انا ؟عشار وخاطئ وانت يا سيد
دخلت منزلي وأكلت على مائدتي وانت تعلم فكر الناس من نحوك كيف سيكون دخل ليبيت عند رجل
خاطئ ..... لم تخجل بي سباني حبك وصهرني عشق روحك وها انا كلي أنشد لك .... كلي لك
ادخلتني نعيم السلام وكنت لي حضن الأمان وأعلنت امام الملأ خلاصي الى التمام….