قصة: كاهن يتعلم!
دخل الراهب ديمونيلس الكنيسة، وسجد أمام الهيكل المقدس، لكنه إذ دخل الهيكل ثار جدًا وغضب، إذ رأى الكاهن ومعه أحد الأشرار مُلقيًا بنفسه عند قدمي الكاهن يبكي!
في كلمات قاسية صرخ الراهب في وجه الكاهن: "كيف تسمح لهذا الشرير المعروف في المدينة أن يدخل هيكل الرب ويُدنسه؟" أما الكاهن ففي هدوء خرج من الهيكل ودموعه تجري من عينيه.
كتب الراهب إلى ديونسيوس يخبره بما حدث، مفتخرًا أنه قد أنقذ الهيكل المقدس من دنس ذلك الرجل الشرير، واستهتار الكاهن الذي سمح له بالدخول.
ردّ عليه ديونسيوس:
"لا...
إنك لم تنقذ الهيكل من الدنس،
بل أنت نفسك قد ارتكبت دنسًا،
لأنك لم تُظهر الرحمة!
لقد أظهر السيد المسيح الرحمة تجاه أقل المخلوقات،
فهل تجعل نفسك فوق المسيح؟"
قدم له ديونسيوس القصة التالية، التي تمت أحداثها معه في جزيرة كريت.
أما أحداث القصة فهي بينما كان ديونسيوس في كريت استضافه كاهن تقي يُدعى كاربوس، يقضي وقتًا طويلًا في التأمل الروحي، وكان اللَّه يُنعم عليه برؤى عذبة أثناء ممارسته للأسرار الإلهية.
روى هذا الكاهن عن نفسه أنه سقط في يأس شديد حينما علم أن رجلًا غير مؤمنٍ تسلل إلى الكنيسة وجذب إنسانًا مسيحيًا ليشترك في الاحتفالات الوثنية بعد تمتعه بسرّ العماد مباشرة.
صار الكاهن كاربوس يصلي من أجل المسيحي الذي عاد إلى الوثنية لكي يرجع إلى الإيمان مرة أخرى، كما طلب الهداية للوثني.
كرَّس الكاهن أيامًا وشهورًا للصلاة من أجلهما، وإذ لاحظ إنهما يزدادان تهورًا ومقاومة للحق اغتم جدًا، فطلب من اللَّه أن ينتقم منهما، خاصة وأنهما يبذلان كل الجهد لإعثار المؤمنين.
ازداد قلب الكاهن كراهية فطلب من اللَّه نارًا من السماء تنزل عليهما.
إذ طلب هذا من اللَّه شعر كأن المنزل يرتج، وانشقّ السقف لتنزل نار من السماء وتسقط حتى تبلغ قدميه، ثم شاهد السيد المسيح يحوط به ملائكته في أعالي السموات.
رفع كاربوس الكاهن عينيه لينظر السيد المسيح في مجده، فارتجف جدًا، ثم نظر تحت قدميه فرأى الأرض قد انفتحت وظهرت هوة عظيمة.
رأى الخاطئين يقفان على حافة الهوّة. وصعد ثعبانان هائلان من الهوّة واتجها نحوهما، والتفا حول أقدامهما، وكان الثعبانان يبذلان كل الجهد لكي يسقطانهما في الهوة وتارة يعضَّانهما، وأخرى يداعبانهما.
فجأة وجد جماعة من الناس جاءوا إليهما وصاروا يدفعونهما نحو الهوة، وكاد الشريران أن يسقطا بسبب أعدائهما، إذ تكاتفت أيدي الكثيرين مع الثعبانين لهلاكهما.
إذ تعلقت أنظار الكاهن كاربوس لما كان يحدث مع المذنبين نسي أبواب السماء المفتوحة، ولم يرفع عينيه ليرى السيد المسيح الممجد وسط ملائكته.
وقف صامتًا وقتًا طويلًا وهو يتعجب لماذا يتركهما اللَّه على حافة الهوة، وأخيرًا تطوّع أن ينطلق نحوهما، وصار يدفعهما بكل قوته إلى أسفل، لكنه عجز عن دفعهما، فغضب جدًا.
تطلّع نحو السماء ليُعاتب اللَّه الذي يُطيل أناته على الأشرار ويتركهما زمانًا طويلًا على حافة الهوّة.
رأى في السيد المسيح علامات اللطف والحنان. قام من عرشه، ونزل إلى ناحية المذنبين، ومدّ يده إليهما ليجتذبهما. كما شاهد ملائكة نزلت من السماء لتعين المذنبين.
التفت السيد المسيح إلى الكاهن كاربوس وقال له:
"إني مستعد أن أموت من أجل خلاص البشر، وإن كنت لم أرتكب ذنبًا.
هل تفضل أن تطرح المذنبين في الهوّة أم أن تحيا مع اللَّه وملائكته الذين هم هكذا صالحون ومحبون للبشر؟!"
علمني أن أحب الخطاة!
* من أجل الخطاة احتملت الموت،
هب لي بحبك أن أحبهم،
ولا اشتهي الانتقام منهم!
* بطول أناتك حوّلت شاول المضطهد إلى رسول،
هب لي الرجاء في خلاص المقاومين للحق!