الإكرام الحقيقي لمريم العذراء ...
نقاط أساسية بحسب القديس لويس-ماري غرينيون دو مونفور...
لقد جاء المسيح يسوع الى العام بواسطة مريم العذراء الفائقة القداسة وبواسطتها سيملك فيه أيضاً. 2- كانت مريم محتجبة جداً في حياتها لذلك دعاها الروح القدس والكنيسة: الأم المحتجبة. وبلغ بها عمق التواضع، بحيث لم يجتذبها إلا حب الإحتجاب والتخفّي عن نفسها وعن كل خليقة حتى لا تظهر إلا لله وحده.
3- إن الله، نزولاً عند طلباتها بأن يجعلها خفيّة، فقيرة، متواضعة، إستحسن أن يحجبها عن كل خليقة بشرية في الحبل بها المبارك، وفي ولادتها، وحياتها والأسرار التي إكتنفتها، وفي إنبعاثها وإنتقالها، حتى إن والديها لم يعرفاها على حقيقتها، كما أن الملائكة كانوا غالباً يتساءلون فيما بينهم: من هي هذه. لأن الله العلي لم يكشف لهم عن سرّها إلاّ القليل القليل.
4- إن الله الآب، رضي أن لا تجترح أيّة معجزة في حياتها تبهر عيون البشر، مع أنه أعطاها القدرة على ذلك. كما رضي الله الإبن أن لا تتكلم مع أنه أعطاها حكمته الازلية. والله الروح القدس رضي أن لا يتكلم الرسل والإنجيليون عنها إلا القليل وبقدر ما تقتضي ضرورة معرفة يسوع المسيح، مع كونها عروسة الروح القدس الأمينة.
5- إن مريم هي تحفة العلّي السميا التي إحتفظ لنفسه بمعرفتها وبإمتلاكها. مريم هي أم الإبن الرائعة الذي حسن له أن يبقيها متواضعة ويخفيها في حياتها مراعاة لتواضعها العجيب، داعياً إياها "إمرأة" (يوحنا 2/4، 19/26) كأنها غريبة، في الوقت الذي كان في قلبه يكن لها الإحترام ويحبّها أكثر من كل الملائكة والبشر. مريم هي "ينبوع مقفل وعين مختومةً" (نشيد 3/12) وعروس الروح القدس الأمينة التي لا يدخل اليها غيره. مريم هي هيكل ومكان راحة الثالوث القدّوس، المكان السامي القدسيّة الذي يحتلّه الله، الذي لم يبلغ قدسيّته الشاروبيم والسارافيم، وحيث لا يسمح لأي خليقة مهما بلغت نقاوتها أن تدخله دون إمتياز عظيم.
6- إني أهتف مع القدّيسين: إن مريم الإلهية، هي الفردوس الأرضي لآدم الجديد، حيث تجسّد بواسطة الروح القدس، ليعمل فيها معجزات لا تُدرَك. إنها عالم الله العظيم والإلهي، حيث الجمالات والكنوز الفائقة الوصف. إنها بهاء العلي الذي أخفي فيه إبنه الوحيد، وبه كل ما لديه من حسن وغنى. آه، يا للأمور الخفيّة العجيبة التي تمّمها الله القدير في هذه الخليقة الفائقة الروعة، التي – بالرغم من تواضعها العميق – إضطرت أن تعترف "بأن الله صنع بها العظائم" (لو1/9). إن العالم يجهل ذلك، لأنه غير أهل وغير قادر عليه.
( القديس لويس-ماري غرينيون دو مونفور. من كتاب: الإكرام الحقيقي للعذراء القديسة )
7- إن القديسين قالو أشياء رائعة الجمال عن مدينة الله المقدّسة هذه. ولم يكونوا بليغين وفصيحين إلا عندما كانوا يتكلّمون عنها، كما أعلنوا ذلك هم أنفسهم. ثم صرّحوا بأنهم لم يروا قط أسمى من إستحقاقاتها التى رفعتها الى عرش الإلوهية، وإن محّبتها أوسع من الكون، ولا تقاس؛ وإن عظمة قدرتها لا تُدرَك؛ وأخيراً، إن عمق إتّضاعها وكل فضائلها ونعمها، لا تُفهم. يا للسموّ الذي لا يُفهَم! يا للسعة التي لا تُحصر! يا للعظمة التي لا تُقاس! يا للجة التي لا تُستقصى!
8- إن إسم مريم العجيبة، يُعلن كل يوم من أقاصي الأرض الى أقاصيها، وفي أعالي السماوات وفي أعمق الدركات. طغمات الملائكة والبشر من كل جنس وعمر ومقام ومعتقد، الأخيار والأشرار، حتى الشياطين يضطرون أن يدعوها مباركة، سواء بإرادتهم أم بغير إرادتهم، وذلك بقوّة الحقيقة. والملائكة في السماء يهتفون بلا إنقطاع – بحسب قول القدّيس بوناونتورا – العذراء مريم والدة الإله، فائقة القداسة، فائقة القداسة، فائقة القداسة. كما يردد كلّ يوم ملايين الملايين سلام الملاك: "السلام عليكِ يا مريم" وهم ساجدون لها سائلينها أن تتنازل وتشرّفهم بتكليفهم بإنجاز أمر من أوامرها. يقول القديس أوغسطينوس العظيم، بأن أمير البلاط السماوي نفسه القديس ميخائيل هو الأكثر غيرة من الجميع في إكرامه لقداستها، وينتظر أبداً أن تشرِّفه بتنفيذ رغباتها في خدمة أحد خدّامها
( القديس لويس-ماري غرينيون دو مونفور. من كتاب: الإكرام الحقيقي للعذراء القديسة )