يا أبانا، مهما نسيناك، لا تنسانا...
ضُمَّنا الى أحضانِكَ فتزولَ أوجاعنا، وتهدأ نفوسنا!!!
يحلُٓ علينا المساءُ بعتمتهِ، وسكونِهِ، وَ وحشتهِ...
مع كُلِٓ لحظةٍ في هذا المساء، ترتحلُ أرواحنا نحو الذكريات،
وفي ظلام الدُّجَى، تثقُل علينا المسيرة،
و في رَيبةِ الليل الطويل، تضطرب قلوبنا قلقاً، وألماً أحيانا،
وأحياناً اخرى أسفاً، وتَحَسُٓراً، وأسىً.....
يُهاجرُ النومُ أجفاننا، فتُسامرُ النجوم حتى الغَسق.
و اَلسَّلامُ يُجافي قلوبَنا. فتُنشدُ المراثي حتى الصباح،
وكم تخنقُنا ألأوجاعُ في عمق الأعماق،
وتكوينا نيرانُ التَمَرُّدِ، و العصيانِ، والإنتفاضة التي تتصارعُ فيما بينها فتُحرِقنا،
وتفنينا،
وتُنهينا!!....
يا أبانا:
مصائِبنا كثيرة، وأوجاعُنا لا تُحصى،
والفواجع التي تهطللُ علينا، لسنا نُدرِكُها،
ولا ذِهنُنا قادرٌ على استيعابها ....
نَعلَقُ في دوٓاماتٍ من الصدماتِ،
والنكبات،
وخيبات الأمل، وحتى اليأس الشديد....
يؤلمنا قلبُنا، وحتى جسدُنا...
تحترقُ روحنا، بل وفؤادنا كذلك...
تختنقُ أنفاسنا، وينقطعُ صوتُ الأنينِ والتنهدات،
نتحطمُ كما لو كُنَّا زُجاجاً. ونندثرُ. ونضيع.....
يا أبانا:
ماذا نفعل في ليلنا هذا، وفي ظلامِ نفوسنا،
والسواد الحالك الذي يكسو أذهاننا.
والعتمة التي تُقيدُ ارواحنا؟...
ماذا نفعل، وهذا الوجع يُكَبِّلُنا،
ويأسِرُنا،
وفي زنزانةٍ من الأسى والبؤسِ يرمينا دونما أمل،
ولا بصيصَ نورٍ يُهدِأُ قلوبنا،
ولا حتى ومضةَ رجاءٍ تُعيدُ لنا ايماننا،
وثقتنا،
وفرحنا؟....
أبانا، يا أيها المُترحم:
هلُمَّ تعال،
خُذنا نحو احضانك،
إنتشلنا من الدُّجَى المرير،
إرفعنا نحو العُلى حيثُ نورَ وجهِكَ ليكونَ شمسنا، ونورنا،
ضُمَّنا الى أحضانِكَ فتزولَ أوجاعنا، وتهدأ نفوسنا....
هلُمَّ يا أبانا إلينا، وكن ملجأنا، وأماننا، وطمأنينتنا...
أعطنا سلاماً حقيقياً يملأ أعماقنا، فتمكث بسكونٍ وهناء،
وامنحنا ان تغفو أجفاننا في نومٍ أمين،
ونُقايض ذكرياتنا الأليمة، بأحلامٍ مُفعمة بالأمل،
وليكُن قلبك مسكننا،
واحشانا الأبوية وسادتنا،
ويدُك المُترحمة حارِسة وحامية ومانِحة للبركة في كل أيامنا...
نحتاجُكَ دوماً يا أبانا،
ومهما نسيناك، نعلمُ انك لا، ولن تنسانا....