تفسير أيقونة العنصرة
العنصرة هي الحدث المهمّ في تاريخ الكنيسة، حلول الروح على التلاميذ بشكل ألسنة ناريّة فراحوا يشهدون للمسيح بلغات مختلفة.
كلمة عنصرة باللّغة العبريّة تعني إجتماع، وعيد العنصرة هو عيد موهبة الروح القدس إنّه يوم ولادة الكنيسة وظهورها للعالم.
العنصرة تكملة للفصح لأنّ المسيح بعد أن ختم رسالته على الأرض وانتقل إلى يمين الآب، أرسل الروح القدس الى الرسل وبواسطتهم الى كلّ الإنسانيّة لكي ينير أذهانهم فيفهموا الكتب ويدركوا في العمق أقواله عندما كان معهم. في بابل تبلبلت الألسنة أمّا في العنصرة أصبحت وحدة، الجميع فهموا الروح المشتركة لجميع الأمم.
كانت العنصرة للرسل معموديّة للروح قبل انطلاقَةِ مهمّتهم للبشرى، وبالعنصرة يصبح الروح القدس قدرة تغيير داخلي وسرّي وسبب تجديد عميق به نستوعب شريعة المسيح الجديدة.
العليّة: المكان التي حدثت فيه العنصرة حيث تناول المسيح الفصح مع تلاميذه قبل الآلام والعليّة غرفة واسعة مفروشة كما يصفها الإنجيلي لوقا. والرداء الأحمر فوق سطح العليّة يرمز إلى المظلة الإلهيّة التي كانت تظلّل الرسل.
المركز الرئيسي في الأيقونة شاغر لأنّ رئيس الكنيسة غير المنظور يشغره وهو المسيح الذي يحيا في الكنيسة.
مريم العذراء: في بعض الأيقونات نرى العذراء موجودة مع الرسل في العنصرة، ولكن في هذه الأيقونة تغيب العذراء رغم مواظبتها على الصلاة مع الرسل في العليّة، فالعذراء نالت عنصرتها يوم بشّرها الملاك وحلّ عليها الروح القدس فلا داعي لها بمعمودية ثانية.
صلاة:
"مباركُ أنتَ أيُّها المسيح إلهنا، يا من أظهرت الصيّادين غزيري الحكمة إذ سكبت عليهم الروح القدس وبهم اقتنصتَ المسكونة، يا محب البشر المجدُ لَك"
في هذه الصلاة رموز ثلاثة :
1- الصيّاد يرمز إلى الرسول.
2- الشيخ المتوّج في أسفل الأيقونة إلى المسكونة
3- الألسنة إلى الروح القدس
ربع الدائرة في أعلى الأيقونة يمطر الألسنة النارية تشير إلى فيض الروح، إنها ينابيع تتفجّر مواهب غزيرة دلالة على أنّ الروح يعطي بسخاء وبلا حساب، ينسكب الروح على مريم يوم البشارة فتولد الإبن يسوع، وعلى التلاميذ يوم العنصرة فتولد الكنيسة.
الرسل: من اليمين: بولس، يوحنا، لوقا، أندراوس، برتلماوس وفيليبس
من اليسار: بطرس، متى، مرقس، يعقوب، سمعان وتوما
ثلاثة أشخاص لم يرد ذكرهم من عداد الرسل الإثني عشر هم بولس ولوقا ومرقس ولكن أهميتهم في الكنيسة جعلت من وجودهم بين مجموعة الرسل أمرًا مهمًّا ولائقًا، إذ يُعطي كاتب الأيقونة معناها الواسع الذي يشمل كلّ من يحمل الإنجيل والبشرى من دون أن يحصره في عصرٍ محدد.
بولس الرسول: رسول الأمم المميَّز، وجهه التاريخي معروف هو نفسه في كلّ الأيقونات لحية طويلة وأصلع، ويحمل بين يديه كتاب رسائله.
بطرس: يتصدر الإجتماع مع بولس يحمل في يَدَيه ملفًّا لأنّه لم يكتب إلاّ رسالتين.
متى، مرقس، لوقا ويوحنا الإنجيليون الأربعة يحمل كلّ منهم إنجيله الذي كتبه. فيليبس قال للمسيح يا ربّ أرِنا الآب وكفانا، أجابه المسيح من رآني رأى الآب. توما بشَّر حتى حدود الهند ويعقوب رافق الرب يسوع إلى جبل التجلي.
الشيخ المسن: رجلاً يرتدي بذلة قرمزية مذهبة إنّه يمثل المسكونة التي تنتظر عطاء الروح إنّه سجين في كهف هذا العالم المظلم، لأنّ نور المسيح لم يضئ عليه بعد ولم يهبط عليه الروح، وهو شيخ عجوز لأنّه يحمل على كتفيه خطيئة الإنسانيّة منذ الخطيئة الأولى، ملامح وجهه تدلّ على التواضع ويحمل بيديه قطعة قماش وضع عليها 12 ملفًّا دلالة على مواعظ الرسل الـ 12 التي بشروا بها العالم فامتدت الكنيسة وانتشرت في المسكونة كلها.
فلنطلب من الروح القدس أن ينير دربنا ويهدينا إلى ملء الحق ويجعلنا نُعلِن ونقول "أبّا" أيها الآب، تعال وكُنْ حاميًا ومرشدًا لنا، لك المجد إلى الأبد.