يوحنا المعمدان مصباح الكنائس والأديار
يوحنّا هو ابن الرحمة والأعجوبة طبقاً لإسمه الذي يتأتّى من العبرانية "يهو حنان" وتعني "الله رحيم". قد أُعطي لأبويه الشيخين زكريّا وأليصابات في شيخوختهما عن وعد إلهي، مثلما أُعطي اسحق لإبراهيم وسارة. ولد يوحنّا ستة أشهر قبل ميلاد يسوع، في قرية عين كارم القائمة على مسافة سبعة كيلومترات جنوب غربي القدس. تقدّس يوحنّا وهو بعد جنين في الحشا، لدى زيارة العذراء مريم الحامل لإليصابات "فامتلأ يوحنّا من الروح القدس" وهو في بطن أُمّه (لو 51) ينحدر يوحنّا من أسرة كهنوتيّة، فأبوه كاهن من قرية أبيا، وأمّه من بنات هارون. "وفي السنة الخامسة عشرة من مُلك طيباريوس قيصر كانت كلمة الله على يوحنّا في البريّة. فجاء الى بقعة الأردن يكرز بمعموديّة التوبة ويقول توبوا فقد اقرتب ملكوت السماوات. كما كتب النبيّ أشعيا:"صوت صارخ في البريّة أعدّوا طريق الربّ واجعلوا سبله قويمة".
وكان لباس يوحنّا من وبر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد وكان طعامه الجراد وعسل البر." وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكّرون في قلوبهم عن يوحنّا لعلّه هو المسيح، أجابهم يوحنّا:"أنّا أعمّدكم بالماء ولكن يأتي مَن هو أقوى منّي وانا لا استحق ان أحلّ سير حذائه، وهو يعمّدكم بالروح القدس والنار". حينئذٍ أتى يسوع من الجليل الى الأردن الى يوحنّا ليعتمد منه. فكان يوحنّا يمانعه قائلاً :"أنا المُحتاج ان اعتمد منك وأنت تأتي إليَّ. فأجابه يسوع قائلاً:"دع الآن، فهكذا ينبغي لنا أن نتمّ كّ برّ". (متى الفصل 3).
أوكان هيرودوس قد أرسل جنوده وأمسكوا يوحنّا وأوثقوه في السجن من أجل هيروديا امرأة أخيه فيليبس لأنّه كان قد تزوّجها، وذاع خبر يسوع في كلّ اليهوديّة وجميع النواحي التي حولها، وأخبر يوحنا تلاميذه بهذا كلّه. فدعا يوحنّا إثنين من تلاميذه وأرسلهما الى يسوع. فذهب الرجلان إليه وقالا:"لإن يوحنّا المعمدان أرسلنا إليكَ قائلاً:" أأنتَ الآتي أم ننتظر آخر؟" فأجابهما يسوع وقال لهما:"اذهبا واعلما يوحنّا بما سمعتما ورأيتما: إنّ العميان يُبصرون والعرج يمشون والبرص يخهرون والصمّ يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشّرون وطوبى لمن لا يشكّ فيَّ. (لوقا الفصل 7) ولمّا كان عيد مولد هيرودوس، أقام عشاءً لعظمائه وقوّاد الألوف وأعيان الجليل، فدخلت ابنة هيروديا ورقصت فأعجبت هيرودوس والمتكئين معه فقال لها:"سليني ما اردت فأعطيك".
وحلف لها ان مهما سألته ولو نصف مملكته سيعطيها. فخرجت وقالت لأمها:"ماذا أسأله؟" أجابتها:"رأس يوحنّا المعمدان". وللوقت دخلت على الملك مسرعة وقالت له:"أريد أن تعطيني على الفور رأس يوحنّا المعمدان في طبق". فاست حوذ على الملك حزن شديد ولكنّه من أجل اليمين والمنكئين معه لم يرد أن يصدّها ولساعته أنفذ سيّافاً وأمر بأن يأتي برأس يوحنّا على طبق. فانطلق وقطع رأسه في السجن. وسمع تلاميذه فجاؤا وأخذوا جثّته ووضعها في قبر. (مرقس الفصل 6).