طروبارية لهامتي الرسل
أيها المتقدمان في كراسي الرسل، ومعلما المسكونة، تشفعا إلى سيد الكل أن يمنح السلامة للمسكونة، ولنفوسنا الرحمة العظمى
طروبارية باللحن الثالث
أيها الرسل القديسون تشفعوا إلى الإله الرحيم، أن يُنعم بغفران الزلات لنفوسنا
قنداق باللحن الثاني
إن المسيح الصخرة، يمجّد بوضوحٍ صخرة الإيمان المقدَّم في انتخاب التلاميذ مع بولس وكل موكب عدد الاثني عشر، الذين إذا نقيم اليوم تذكارهم بإيمانٍ، نمجّد مَن قد مجَّدهم.
✥ القدّيسون الرسل المجيدون الإثنا عشر: أَلثّلاثاء ٣٠ / حزيران
✥ أَلسِّنْكسَار ✥
في شمولية العيد: في الثلاثين من شهر حزيران خصّصت الكنيسة المجيدة عيداً يشمل جميع الرسل الإثني عشر الذين اختارهم الربّ يسوع المسيح مع الرسل الآخرين الذين هم من السبعين. كما يُضمّ إليهم يعقوب أخو الربّ والقدّيسات حاملات الطيب وكل الرسل الآخرين المجهولي الأسماء الذين اجتمعوا في العليّة، وكانوا في عداد المائة والعشرين، يوم العنصرة اقتبلوا ملء الروح القدس.
الرسل الاثني عشر: الرسل الإثنا عشر هم قواعد الكنيسة وأعمدتها وهم الملائكة المكلّفون بحفظ الأبواب الاثني عشر المفضية إلى أورشليم العلوية(رؤ 9:21). إثني عشر كان عدد أبناء يعقوب الذين كانوا في أصل شعب إسرائيل. واثنا عشر هم التلاميذ الذين اختارهم الربّ وجعلهم شهوداً لتعليمه وعجائبه وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله مسبغاً عليهم سلطان طرد الأبالسة وشفاء المرضى (مت 10). هؤلاء أيضاً أرسلهم أخيراً، بعد قيامته ليذهبوا إلى العالم أجمع ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ويعمّدوا كلّ الأمم باسم الآب والابن والروح القدس.
سبب التعييد: خصصت الكنيسة هذا العيد الجامع للرسل ومن معهم، انطلاقاً من دورهم المتكامل والمتكافئ في الشهادة لقيامة الرب يسوع المسيح ونشر تعاليمه الخلاصية المستمرة إلى أيامنا هذه.
جاء في الإنجيل أن ربنا يسوع المسيح اختار من تلاميذه اثني عشر رجلاً دعاهم رسلاً. وهذه أسماؤهم: سمعان المدعو بطرس واندراوس أخوه ويعقوب بن زبدى ويوحنا أخوه وفيلبّس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن حلفى وتداوس وسمعان القانوي ويهوذا الاسخريوطي الذي أسلمه ( متى ١۰ : ١ ــ ٤ ).
✝ بطرس هامة الرسل: بشر في اليهودية، ثم في أنطاكية حيث جعل كرسي رئاسته مدة سبع سنين. ومضى إلى روما وفيها أقام كرسيه، ثم مات مصلوباً منكساً سنة ٦٧.
✝ يوحنا: بشّر في آسيا الصغرى وأقام بأفسس مدة طويلة. وفي سنة ٩٥ نفي منها بأمر الملك دومتيانوس إلى روما حيث ألقى في مرجل زيت يغلي، فصانه الله، ثم نفي إلى جزيرة بطمُس حيث كتب رؤياه العجيبة، وبعدها عاد إلى افسس سنة ٩٧, وفيها كتب إنجيله، ثم رقد بالرب سنة المئة للميلاد.
✝ اندراوس اخو بطرس: بشّر في بلاد اليونان وشواطئ البحر المتوسط إلى بوغاز الدردنال وبلاد التتر, ونال إكليل الشهادة مصلوباً سنة ٦٢ في تيراقية.
✝ يعقوب أخو يوحنا: بشّر في فلسطين وسوريا وسار إلى اسبانيا ثم عاد إلى أورشليم، فقبض عليه الملك أغريبا وقتله سنة ٤٢ (أعمال ١٢).
✝ فيلبّس: بشّر في فريجيا من آسيا الصغرى ونال إكليل الشهادة في مدينة هليوبوليس معلقاً على الصليب، مرشوقاً بالسهام سنة ٥٤.
✝ توما: بشّر في بلاد فارس ومادَي والهند واستشهد في مدينة كلامينا سنة ٥٧.
✝ برثلماوس: وهو نثنائيل، بشّر بلاد فارس أيضاً والهند. نال أكليل الشهادة مصلوباً سنة ٧١.
✝ متى الإنجيلي: بشّر في الحبشة وقضى فيها شهيداً سنة ٩۰ على الأرجح. وكتب إنجيله إلى اليهود المتنصرين.
✝ يعقوب بن حلفى أسقف أورشليم: رجمه الكتبة والفريسيون وشَجّوا رأسه بهراوة فقضى شهيداً سنة ٦٣.
✝ سمعان القانويّ: بشّر في مصر وأفريقيا وجزر بريطانيا. ونال أكليل الشهادة على الصليب. وقال بعضهم: إنه بشّر فيما بين النهرين ومات شهيداً في بلاد فارس سنة ٦٤.
✝ يهوذا اخو يعقوب بن حلفى: وهو تادي ولابي، بشّر في الرها وما بين النهرين. ومات في بلاد فارس مرشوقاً بالسهام نحو سنة ٧۰.
✝ ماتيّا: وهو الذي اختاره الرسل بعد صعود الرب، بدلاً من يهوذا الاسخريوطي. وقد بشّر في اليهودية، ثم مضى إلى تدمر وطاف ما بين النهرين. واستشهد في بلاد فارس مرجوماً سنة ٦۰.
هؤلاء هم الرسل الإثنا عشر الذين طافوا المسكونة مبشّرين بالمسيح, وقد ذاعت أصواتهم في كل الأرض. وأسسوا الكنيسة بأعراقهم ودمائهم. وفيهم قال بولس الرسول برسالته الأولى إلى أهل كورنتس: "إني أظن أن الله قد ابرزنا نحن الرسل آخري الناس كأننا مجعولون للموت, لأننا قد صرنا مشهداً للعالم والملائكة والبشر. نحن جهال من أجل المسيح، أما أنتم فحكماء بالمسيح. نحن ضعفاء وأنتم أقوياء، إلى هذه الساعة نحن نجوع ونعطش ونعرى ونلطم ولا قرار لنا. ونتعب عاملين بأيدينا. ونُشتم ونبارك، نضطهد فنتحمل وقد صرنا كأقذار العالم". (١ كور ٤ : ٩ ....). ولكل من هؤلاء الرسل تذكار خاص به على مدار السنة. غير أن أمنا الكنيسة الشرقية تقيم لهم تذكاراً جامعاً في هذا اليوم، تحريضاً لنا على زيادة تكريمهم والاقتداء بفضائلهم والالتجاء إلى شفاعتهم.
✝ أما الرسول العظيم بولس الذي تعمّق بمحبة المسيح، فبعد أن كان أشد مضطهد للكنيسة، قد حمل لواء الإنجيل عالياً وطاف به العالم مقتحماً الأخطار، براً وبحراً، لا يهاب الموت في سبيل من بذل نفسه لأجله. فكان آية عصره وسيبقى على الأجيال، بأعماله الجبارة ورسائله الرائعة, أسطع دليل على مفعول النعمة الإلهية في ارض الإرادة الجديدة. ولد شاول في مدينة طرسوس، نحو السنة العاشرة للميلاد، من أبوين يهوديين أصلهما من الجليل. درس الفلسفة والفقه على العالِم الشهير جملائيل في أورشليم. ودعي فيها بعد بولس. كان يمقت ويضطهد كل من يخالف شريعة آبائه. لذلك ساهم في رجم اسطفانوس رفيقه أول الشهداء. وكان يلاحق المسيحيين ويسوقهم إلى السجون. وفيما هو ماضٍ إلى دمشق في هذه المهمة، إذا نور من السماء قد سطع حوله, فسقط على الأرض وسمع هاتفاً يقول له: "شاول، شاول، لِما تضطهدني؟" فقال: "من أنت، يا سيد؟" قال: "أنا يسوع الذي أنت تضطهده. فقم وأدخل المدينة، فيقال لك ما يجب عليك أن تفعل". فنهض شاول عن الأرض ولم يكن يبصر شيئاً، وعيناه مفتوحتان. فاقتادوه بيده وأدخلوه دمشق. فلبث ثلاثة أيام مكفوفَ البصر، لا يأكل ولا يشرب (أعمال ٩ : ١ ـ ١۰ ). وأرسل الرب إليه تلميذاً اسمه حننيا فوضع عليه يديه فأبصر وأعتمد. وكان اهتداؤه العجيب سنة ٣٥ للميلاد. وما لبث أن أخذ يكرز في المجامع بأن يسوع هو ابن الله. فتآمر اليهود على قتله. ولكنه نجا بسعي المؤمنين. وعاد إلى أورشليم واتصل بالرسل. وراح يبشر في الهيكل بجرأة. فصمم اليهود على قتله. ولكنه سافر إلى طرسوس وطنِه مارّاً بسوريا وكيليكيا بصحبة برنابا ويوحنا مرقس. وفي قبرص آمن على يده الوالي سرجيوس بولس واعتمد هو وأهل بيته. واستأنف البشارة حيث أبرأ مقعداً من جوف أمه في لسترة. وعندها رفع الجمع الحاضر أيديهم هاتفين: إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا! وأرادوا أن يذبحوا لهما، فمنعهم بولس قائلاً: "نحن بشر مثلكم". غير أن اليهود تمكنوا من إثارة الجموع عليه، فرجموه خارج المدينة. وفي الغد، شفاه الله وأقامه فأنطلق مع برنابا، يثبتان المؤمنين في المدن ويرسمان لهم كهنة لخدمتهم. وعاد إلى أنطاكية حيث مكث أياماً وانطلق منها يصحبه سيلا ولوقا إلى آسيا الصغرى وكيليكيا وليكاونية وغلاطية وتراوس وسائر بلاد اليونان. واستصحب تيموتاوس الذي أقامه فيما بعد أسقفاً على أفسس. وفي آثينا قام خطيباً أمام فلاسفتها في الاريوباغوس، فردّ كثيرين إلى الإيمان, ومنهم ديونيسيوس الأريوباغي. ثم عاد إلى أورشليم حيث مكث سنتين، ثم جال في مدن آسيا الصغرى وجاء إلى كورنتس حيث تراءى له الرب وشجعه وأجرى على يده آيات باهرة. وطاف في غلاطية وفريجية، يثبت التلاميذ في الإيمان، حتى وصل إل افسس، حيث أقام ثلاث سنوات يبشر ويعمد باسم يسوع المسيح، عاملاً بيده لكسب معاشه. وسار يبشر في جزر بحر الروم، حتى بلغ صور وعكا وقيصرية. وحاول الأخوة أن يمنعوه من الصعود إلى أورشليم، ملحين عليه بالدموع، فقال لهم: ما بالكم تبكون وتكسرون قلبي، إني مستعد، لا للوثاق فقط بل للموت أيضاً في أورشليم لأجل اسم الرب يسوع (أعمال ٢١ : ٧ ــ ١٣ ). هناك حاول اليهود قتله فمنعهم قائد الجند. وخاطب الشعب باللغة العبرية مبيناً عن اهتدائه. فصرخوا قائلين: ارفعه، أصلبه. فإرضاءً لهم أراد الوالي أن يجلده، فأعترض بولس بأنه ذو جنسية رومانية. وأرسله قائد الألف إلى الوالي في قيصرية، مركز الولاية الرومانية حيث مكث أسيراً سنتين. ولكن الملك أغريبا أطلق سراحه لو لم يكن رفع دعواه إلى قيصر. فأقلع بولس مع أسرى آخرين إلى روما يصحبه لوقا رفيقه الأمين واسترخوس المكدوني. وبعد النظر إلى دعواه، لم يجد القضاة ما يوجب الحكم عليه، فأخلي سبيله. فأقام في روما سنتين يبشر بالإنجيل. ثم عاد يبشر أيضاً في جزيرة كريت ويزور كنائس آسيا وتراودا وكورتنس. ويقال أنه مضى إلى اسبانيا مجتازاً فرنسا, ثم رجع إلى روما. فقبض عليه نيرون وألقاه في السجن، وحكم بقطع رأسه, كما حكم على بطرس الرسول بالصلب. وكان ذلك سنة ٦٧ للميلاد. أما رسائله الرائعة وعددها أربع عشر رسالة، فهي آية في البلاغة وتحفة الآثار الكتابية في الكنيسة.