الفتور الروحي لنيافة الأنبا مكاريوس
الفتور الروحي
"انا عارف اعمالك انك لست باردا
ولا حارا ليتك كنت باردا او حارا،هكذا لانك فاتر ولست باردا ولا حارا انا مزمع ان
اتقياك من فمي، لانك تقول اني انا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي الى شيء ولست تعلم
انك انت الشقي والبئس وفقير واعمى وعريان" (رؤيا 3: 15-17)
ما هو الفتور :
هو فقدان الشهية للعمل الروحي، وهو
مشكلة الناس الذين في وسط الطريق، لا هم مبتدئين ولا هم حارين، والفاتر هو غير
المستساغ والذي يسبب التقيؤ (كما يحدث في الطعام والشراب الفاتر). والفتور هو
التردد بين الفضيلة والرزيلة. الفاتر يريد الفضيلة ولكنه يحيد عن الجهاد ويكره
التعب لأجلها (يوحنا كاسيان) وهو فقدان الحرارة الأولي، في الصلاة ... في العمل...
في الخدمة .. في العلاقات مع استمرار الاطار الخارجي...
(مثل حرارة اللقاء الأول
.. التي تتحول الي سلام فاتر وتعبيرات جوفاء ..) والفتور هو حالة سبات عميق لا
يوقظها إلا أزمة أو ضيقة.
مظاهره :
ممارسة خالية من الحب والحرارة
الأولي وتدرج سلبي... مثل تقليل الصلاة والانجيل والذهاب إلي الكنيسة علي فترات، لذلك هو بين حار وبارد، فقد الحماسة الأولي
تدريجيا، يتوه.. ليس له وجود.. لا طعم له... لا إعراب ولا معني ... حتي أنه يمل من
نفسه
اسبابه :
تبدل في الاهداف من جهة الترتيب
وربما دخول أهداف جديدة .. وربما تفتت الهدف الرئيسي إلى أهداف صغيرة متساوية،
ممارسة دون وعي... أو فهم ... أو تركيز، عدم محاسبة النفس باستمرار، شعور كاذب
بالطمأنينة،
خطية رابضة في القلب، التهاون والتساهل، البعد عن الافخارستيا، الذي
لا ينمو ولا يتقدم لابد وان يتقهقر (مثل النار التي ما لم تزكي فهي تخبو، والسيارة
التي لا تداوم العمل تتلف، ومثلها:
القارئ والخادم والمدرس... والفنان ... الخ)
الكبرياء والشعور بالتميز والاكتفاء، الملل، التجريدية والعقلانية.
خطورته :
يجعل من الصعب الرجوع إلي نقطة البداية، كما يجعل من الصعب النمو أو
الاستمرار (هناك شئ انكسر)
"الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية
وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتي وسقطوا لا
يمكن تجديدهم أيضا للتوبة (عب6 :4-6)
يقول يوحنا كاسيان "رأينا كثيرين من
الباردين تحولوا إلي الحراة ولكننا لم نر فاترين صاروا حارين".
كما يجمع أكثر
الآباء علي أنه إطفاء للروح القدس في الداخل (لا تطفئوا الروح) "تس19:5"
ويقول العلامة ايرونيموس: "بينما لا يشاء الله موت الخاطئ بل أن يرجع ويحيا
فإنه يبغض الفاترين ويسببون له قيئاً سريعا !!
(والتقيؤ من الفم هو الطرد من حضرة
الله. وتفقد الوسائط طعمها وحلاوتها والجاذبية الخاصة لها.. فلا يعود للنفس ذات
الاشتياق الأول، اخيرا ومن مخاطرالفتور تعرض الشخص للسقوط فيما هو أشر".
العلاج :
إذا شعرت انك متضايق لهذا الأمر فهذه
علامة جيدة، تذكر الابدية باستمرار وانك مدعو لها، وتحتاج بالتالي إلى وقفه مع
النفس لمعرفة أين أنا من الله، تذكر ضعفك وبالتالي احذر خطايا الادانة، احذر محبة
الكرامة .. والشهرة (فمن شأن ذلك أن يغطي ضعفك فتفتر، إشعال الروح داخلنا بسماعنا
صوت تبكيته. "يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان، انتم دائما
تقاومون الروح القدس" (أع 51:7). اذهب وتكلم مع الاشخاص المتميزين لتتبكت،
وقد يستخدم الله معك الضغطات النفسية لتنسحق وتخلص.
اسأل نفسك إذا جاء الله كيف
يراك؟! فاصرخ اذن إلي الله.. فالخاطئ المنكسر افضل من البار المعجب بنفسه
"القديس اغسطينوس"