إن كنت حزيناً أو مهموماً إليك هذه النصيحة من الكتاب المقدس!!! وهي نصيحة للجميع!!!
ن كنت حزيناً أو مهموماً إليك هذه المقالة التي تعود بنا الى كتاب العهد القديم وتحديداً الى الفصل الثّامن من كتاب نحميا. في هذا الفصل مشهدٌ رائع قد يغيّر حياتنا نحن أبناء العهد الجديد. النّص يحاكي مرحلة إعادة تأسيس القدس على يد الشعب اليهودي العائد من بابل.
فبعد إعادة بناء جدران المدينة شعر الشّعب اليهودي أنه بحاجة الى تحصين إيمانه فطلب لعزرا الكاتب أن يأتي بسفر شريعة موسى.
إلّا أن الأمور لم تجر بشكل جيّد.
فما لبث عزرا أن بدأ بقراءة الشّريعة حتى أجهش الشّعب بالبكاء.
الكتاب لا يذكر هنا سبب حزنهم الشّديد إلّا أنه يخبرنا أن عزرا ونحميا الحاكم الرّوحي ومعهما الكهنة اللاويين اجتمعوا لمحاولة إيقاف نحيب الشّعب.
المشهد كان بمثابة تظاهرة من الحزن لم يكن إيقافها بالأمر السّهل.
عزرا لم يكتف بإسكات الشعب فقط بل طلب منه تغيير ردّة فعله تجاه الشّريعة قائلاً لا تحزنوا اليوم فقوتكم تكمن في حبّ الله.
الأمر الرّائع في هذا المشهد هو أن دعوة عزرا لاقت آذاناً صاغية حيث بدأ الشعب اليهودي بالاحتفال بفرح عظيم.
وكأن عزرا قال للّشعب توقفوا عن البكاء وافرحوا… وهم فعلاً فرحوا.
وهنا لا بد من طرح بعض التساؤلات حول هذا الحلّ. فعلى سبيل المثال قد يسأل الأهل لماذا لا تكون هذه المقاربة فعّالة مع أولادنا؟
حيث قالت هذه الأم:”عبثاً حاولت الطّلب من ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات أن يتوقف عن البكاء والنّحيب!!”
نحن نعلم جيّداً أنه من الصّعب على الإنسان أن يتحكّم في مشاعره، فكيف انتقل الشعب اليهودي بسرعة من حالة الحزن العميق الى الفرح والبهجة أي من حالة الضعف العاطفي الى القوّة العاطفية؟
سنقدم لكم مقاربة أخرى تسهّل فهم هذا المشهد التّاريخي.
تحت عنوان ” العالم أبعد من تفكيرك” أصدر الكاتب ماتيو كروفرد كتاباً يطرح فيه إمكانية تدريب العقل على السّيطرة على المشاعر من خلال الإنتقال ممّا يقلق الى التّفكير بأشياء جوهريّة.
لشرح نظريته يقدّم كروفرد مثالاً واقعيا عن امرأة تختبر مشاعر سلبية تجاه زوجها. حيث بات يشكّل مصدر إزعاج لها ويشعرها بالملل؛ الأمر الذي دفع بها للّشعور بالحزن الشّديد. إلّا أن الزّوجة لم تستلم لهذه المشاعر السّلبية والنّقص العاطفيّ بل بدأت اتباع عادة معيّنة.
ففي كل مساء كانت الزّوجة تقول لزوجها “أنا أحبك”. كلام الزّوجة لم يكن كذِباً بحسب كروفرد بل تعبير قريب من الصّلاة. هذه الخطوة أبعدت الزّوجة عن حالتها العاطفية السّلبية ووجّهتها نحو أمور قيّمة وأكثر أهميّة. وهنا نتحدّث عن رابط الزّواج. الزّوجة وجدت قوّة عاطفية من خلال إعادة توجيه إهتماماتها.
وبالعودة الى نصّ الإنجيل يمكننا ملاحظة التّقارب بين المشهدين. عزرا لم يطلب من الشعب أن يفرح وحسب بل نصحهم بتجاوز حزنهم عن طريق تحويل انتباههم نحو القيام بأعمال معيّنة مثال تناول الطّعام المخصص لهذه المناسبة وتقاسمه مع من ليس لديه ما يأكله.
وعقب هذه الخطوة بالذّات شعر الشعب بالفرح للعثور على القوّة من خلال شعائرهم الدّينية الحيويّة.
أمور كثيرة تغيّرت منذ العهد القديم حتى اليوم. وحدها الطّبيعة البشرية ظلّت على حالها.
لا يكمن الحلّ في البكاء والنّحيب ولا في الانتقال فجأة من الحزن الى حالة من الفرح والبهجة.
الحلّ واضح وعملي. عَيش الحياة المسيحيّة عن طريق طلقي الأسرار وتكثيف الصّلوات وممارسة أعمال الرّحمة والاحتفال بالمناسبات والأعياد. بإختصار للحصول على قوة عاطفية على المرء أن يقوم بأعمل صحيحة. فالإنسان يبني القّوة من خلال قيامه بأعمال من هو قويّ.