منديل التوبة

موضوع: منديل التوبة الجمعة أكتوبر 31, 2014 1:17 pm

منديل التوبة

كان يعيش في منطقة ثراكي أيّام الأمبراطور التقيّ مافريكيوس (القرن السادس) رئيس لصوصٍ ألقى الرعب في قلوب سكّان المنطقة كلّها بحيث فرغت الدروب من العابرين. حاول كثير من الجنود ومطاردي اللصوص أن يقبضوا عليه ولكن من دون نتيجة.
علم مافريكيوس بالأمر، وقرّر أن يرسل إلى رئيس اللصوص صليبه الخاصّ الذي يحوي بعض ذخائر القدّيسين. هذه اللفتة الملكيّة دفعت اللصّ إلى الشعور بالخجل، ومن ثمّ بالتوبة. فترك حياته السالفة ونزل من الجبال وجثا عند قدميّ الملك تائبًا باكيًا.
لم تمضِ إلاّ بضعة أيّام، وإذا باللصّ يمرض مرضًا ثقيلاً، فنقلوه إلى المستشفى. وذات ليلة، شعر بأنّ هناك ثقلاً أصابه، ورأى بأنّه عتيد على مغادرة هذه الحياة، فاعترف لله بخطاياه بدموع طالبًا مغفرتها وقائلاً: " إنّني لا أطلب إليك، أيّها المحبّ البشر، شيئًا إلاّ أن ترحمني، أنا اللصّ، كما رحمت من هم مثلي. تقبّلْ دموع ساعتي الأخيرة مثلما قبلت دموع رسولك بطرس. رطّب بدموعي إسفنجة تحنّنك وأطفئْ بها خطاياي".
سمعه بقيّة المرضى المستلقين على الأسرّة المجاورة في تلك الليلة وهو يكرّر هذه الأقوال، مرّات ومرّات، لوقت طويل، مجفّفًا بالمنديل دموعه إلى أن أسلم الروح.
وفي تلك الساعة، بينما كان رئيس الأطبّاء في المستشفى في بيته نائمًا، شاهد في حلم شياطين كثيرة تقترب إلى فراش اللصّ وهي تمسك بأيديها الأوراق التي دُوّنت عليها خطاياه. ثمّ شاهد رجلين بهيّين يقتربان هما أيضًا.
أحضرت الشياطين ميزانًا ووضعت في الكفّة الأولى أوراق خطاياه، فانخفضت الكفّة إلى أسفل كثيرًا في حين صعدت الكفّة الثانية إلى فوق كثيرًا. وكان الملاكان يقولان بعضهما لبعض: "ماذا سنفعل؟ إنّه لا يملك حتّى عشرة أيّام توقّف فيها عن مزاولته القتل والسرقة. فأيّ خير نلتمس أن نجد في هذا الإنسان؟".
وبينما هما يتحادثان على هذا المنوال أخذا يفتّشان في سريره لعلّهما يجدان شيئًا جيّدًا. وفي إحدى اللحظات وجد أحد الملاكين منديل اللصّ الذي كان يجفّف به دموعه. فقال للملاك الثاني: "انظر، إنّه منديل دموعه". فقال الملاك الثاني: "نعم، إنّه مرطَّب بالدمع، فلنضعه في كفّة الميزان الثانية مع محبّة الله للبشر، فلربّما يحصل معنا شيء ما".
وحالما وضعا المنديل في الكفّة العالية صارت أثقل بكثير من الثانية، وتمزّقت الأوراق. فهتف الملاكان بصوت واحد: "لقد انتصرت محبّة الربّ". وأخذا نفس اللصّ ومضيا بها إلى السماء في حين رحلت الشياطين خازية خجلة.
هذا ما شاهده رئيس الأطبّاء في حلمه، وحالما استيقظ أسرع إلى المستشفى، فوجد اللصّ ميتًا. كان جسده لا يزال دافئًا، والمنديل مبسوط فوق عينيه وهو مرطَّب بدموعه. وبعدما استعلم من بقيّة المرضى عن الأمور المتعلّقة بلحظات اللصّ الأخيرة، أخذ المنديل ومضى إلى مافريكيوس.
أظهر الطبيب المنديل إلى مافريكيوس، ثمّ روى له الموضوع كلّه وقال: "ليتمجّد اسم الله، أيّها الملك الكلّيّ الورع، لقد سمعنا عن اللصّ الذي خلص بالتوبة على يد الملك الإله المصلوب. والآن علمنا أنّ لصًّا آخر قد خلص بالتوبة في أيّام مُلكك العزيز".
اعداد دير راهبات القديس يعقوب الفارسي المقط

» التوبة و الدينونة
» +التوبة والاعتراف في صور+
» +التوبة والاعتراف في صور+
» التوبة بتنادي
» صلاة التوبة