فكرة الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة:
"عيد الميلاد وقوس القزح"
في يوم من الأيام، التقت ألوان العالم كلها وبدأت تتقاتل، وكل لون يدَّعي أنه هو الأحلى والأهم والأنفع، وصارت الألوان تتفاخر بصوت عالٍ، وعليت الصرخة، وما بقي شخص ما سمع صوتها. وفجأة بيلمع برق وبيقصف رعد وبينهمر المطر.
إرتعبت الألوان والتمت على بعضها، كل لون يجرب أن يحمي الثاني ويحتمي فيه، والتفتَ الشتاء نحوها وقال لها: ما أغباك! عمَّ تتقاتلين! وكل واحد يجرب أن يسيطر على الثاني، ألا تعرفين أن الله يحب كل واحد على ميزته، وأنه خلقك لرسالة معينة وفريدة! خلي كل واحد يمسك يد أخيه ورح ازرعكن بالسما سوا ومع بعضكن. وهيك صار. وتكوَّن قوس قزح. قوس بيقول إنه الله يحب كل واحد وإننا نحن قادرون معاً العيش بسلام.
وصار هالقوس قزح علامة رجاء لكل الأيام القادمة، وعهد يشهد ان الله معنا للأبد، ونحن باختلافنا خلقنا الله لرسالة معينة ولو مختلفة، نحن مختلفون ولكن متكاملون.هذه القصة الجميلة والمعبِّرة هي التي ألهمتني لاختيار فكرة عيد الميلاد لهذه السنة، بالاضافة الى حالة الطقس الأخيرة من أمطار وثلوج التي تخللها ظهور قوس قزح عدة مرات في عنان السماء، ولكن بالخصوص الحالة السياسية في عالمنا العربي الهائج المائج والحاجة الملحة الى الهدوء والاستقرار والسلام... كل هذا دفعني للتفكير بأن العالم بحاجة الى قوس قزح من جديد وأن قوس قزح الحقيقي هو السيد المسيح صاحب عيد الميلاد لأنه أمير السلام الموعود لبني البشر.
وهذا يرجعنا الى قصة نوح والطوفان الذي اوشك أن يقضى على الحياة، ولكن الله وعد نوح بأن الطوفان سينتهي وأنه يقيم عهداً معه ومع نسله للأبد.. وكانت علامات العهد: الحمامة وغصن الزيتون وقوس القزح: "فأطلق الحمامة من السفينة، فعادت إليه الحمامة وقت المساء وفي فمها ورقة زيتون خضراء. فعلم نوح أن المياه قلت عن الأرض..".فقال الله لنوح: "هاءنذا مقيم عهدي معكم ومع نسلكم من بعدكم ومع كل ذي نفس حية معكم، من الطيور والبهائم ووحوش الأرض التى معكم: أي كل ما خرج من السفينة وجميع حيوانات الأرض. وأقيم عهدي معكم، فكل ذي جسد لا ينقرض بعد اليوم بمياه الطوفان، ولا يكون بعد اليوم طوفان ليتلف الأرض. وقال الله: هذه علامة العهد الذي أنا جاعله بيني وبينكم وبين كل ذي نفس حية معكم مدى الأجيال للأبد. تلك قوسي جعلتها في الغمام فتكون علامة عهدي بيني وبين الأرض.
ويكون أنه إذا غيمت على الأرض وظهرت القوس في الغمام، ذكرت عهدي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد، فلا تكون المياه بعد اليوم طوفانا لتهلك كل ذي جسد، وتكون القوس في الغمام، حتى إذا رأيتها ذكرت العهد الأبدي بين الله وكل نفس حية من كل ذي جسد على الأرض. وقال الله لنوح: "هذه علامة العهد الذي أقمته بيني وبين كل ذي جسد على الأرض".
اعتقد أن علامة هذا العهد تظهر في كل شتاء بصورة مادية ولكن رمزية ولكن العهد الحقيقي بالذات تحقق بميلاد السيد المسيح:أما قوس القزح فيتكون عندما تمطر السماء بعض الأيام فيما تكون الشمس ظاهرة فيحدث لنور الشمس الأبيض الذي يحوي الألوان كلها لأن يتسرب إلى داخل قطرات المطر. وإذ يعود فيخرج من تلك القطرات يذهب كل لون في اتجاه وإذا بتلك الألوان تأخذ أمام أعيننا شكل قوس كبيرة تحتل ركنا من السماء. قوس قزح لا نقدر أن نلمسها لأنها ظاهرة من نور. قوس قزح لا تظهر في السماء كل يوم لأن ظهورها يفرض وجود الشمس والمطر في آن معا وعندما يتوقف هطول المطر تسارع قوس قزح إلى الاختفاء و لذلك نحن لا نراها لأنه لم يبق هناك قطرات مطر ترينا نور الشمس بألوانه كلها.
أما التشابه مع السيد المسيح: فاذا طبقنا هذه الظاهرة الجوية على السيد المسيح فاننا نرى بأنه النور الحقيقي القادم الى العالم المظلم، تماما مثل نور الشمس الذي يبدد الظلام وأشعة الشمس التي تخترق الغيوم.. كما أن السيد المسيح هو الماء الحي الذي يروي العطشى.. فعندما يتعانق نور الشمس وقطرات الماء يحدث قوس القزح.. مع الفرق بأن السيد المسيح هو قوس القزح الدائم.أما التشابه مع المغارة: نعم يمكن أن يكون قوس قزح مغارة كبيرة عظيمة تحيط العاله كله وتحويه يولد فيها أمير السلام السيد المسيح طفل قوس قزح.
اذن المغارة هي قوس قزح ويسوع الطفل هو ايضاً قوس قزح.أما ألوان قوس قزح والسيد المسيح:نور الشمس يحوي كافة الألوان التي تتجسد في السيد المسيح لأنه النور الحقيقي وشمس الحق:الاحمر: رمز الملوكية والحب والطاقة والحيوية والنشاط والديناميكية والشجاعة والحساسية.. انه تماماً مثل الدم الذي يجري في عروقنا.. انه رمز الفداء.
البرتقالي: رمز الثمر والخصب والتفتح، فالبرتقالي من الألوان المبتهجة التي تعلن الفرح "اني ابرشركم بفرح عظيم".
الأصفر: رمز الحكمة، الضوء والثراء، ويشحن صاحبه بالحيوية والقدرة على الإبداع.
الاخضر: رمز الطبيعة البشرية يوحي بالطبيعة البديعة الخلابة تماماً مثل الربيع بعد الشتاء.
الازرق: رمز الألوهية والحب للحياة وللمساحات الشاسعة تماماً مثل السماء الزرقاء.
النيلي: رمز اللانهاية كالبحر يوحي لنا بلون الليل عندما يولج ويدخل الفجر في الصباح.
البنفسجي: رمز الرجاء والأمل يدخلنا في عالم خيالي من آمال والاحلام، كأننا ننتمي إلى عالم آخر غير الذي نعيش فيه، حيث الخلق والابداع والابتكار والروحانية والحساسية.
وأخيراً، مع الظروف السياسية المستعصية في بلادنا المقدسة وفي شرقنا المعذب الغارق في الظلام والذي يتعرض لعواصف الحروب وأمطار القنابل وثلوج البغض، نحن بأشد الحاجة الى قوس قزح السلام عله يبشر بنهاية هذا الطوفان الجارف.وهذه هي البشرى القديمة الجديدة المتجددة هي التي أنبأ بها أشعيا النبي وتحققت في الطفل يسوع: "الشعب السالك في الظلمة، أبصر نوراً عظيماً، الجالسون في بقعة الموت وظلاله، أشرق عليهم نور، كثرت الأمة وفرت لها الفرح. يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد، لأن نير مشقتها وعصا كتفها وقضيب مسخرها، قد كسرتها.. إذ كل سلاح متسلح في الوغى، وكل ثوب ملطخ بالدماء، يصير ضراماً ووقوداً للنار... لأنه قد ولد لنا ولد، أعطي لنا ابن، فصارت الرئاسة على كتفه، ودعي اسمه، مشيراً عجيباً، إلهاً جباراً، أبا الأبد، رئيس السلام. لنمو الرئاسة ولسلام لا انقضاء له من الآن وإلى الأبد". (أشعيا 9:2-7.فيا قوس قزحنا الطفل يسوع أشرق في سماء عالمنا وبلادنا وبدِّد ظلماتنا ونوِّر حياتنا.
الأحد نوفمبر 23, 2014 7:40 pm
