نبات ينمو في معظم المناطق المُعتدلة المناخ، أطلق عليه العلماء منذ القِدم لقب "مُفرح الجبال" كونه يُعطّر سفوحها وطرقاتها برائحته الزكيّة. إنه رفيق الصبحيات الدائم، ورفيق الصغار في حقائبهم الى المدارس، إنه الصعتر.
إنّ العطر المُميّز الذي يفوح من نبات الصعتر، ليس وحده ما يُميّزه. في الواقع، أكّدت الدراسات العلميّة أنّ الصعتر يتمتّع بخصائص صحّية لا مثيل لها، وقلائل هم الأشخاص الذين يعلمونها رغم كثرة استعماله في الطبخ. وما هو معلوم أنّ هذا النوع من الأعشاب اللذيذة شائع الإستخدام في لبنان، والمناقيش بالصعتر التي تُشكّل إحدى الوجبات الصباحيّة الرئيسيّة عند اللبنانييّن هي أكبر دليل على ذلك.
يحمي القلب والأسنان والعظام
وللاطلاع على أهمّ ميزاته، أجرت "الجمهورية" حديثاً خاصّاً مع رئيسة قسم التغذية في مستشفى معربس، جوزيان الغزال، قالت في بدايته: "إلى جانب كونه فاتِحاً للشهيّة ويمنح الأطباق الغذائيّة طعماً لذيذاً يصعب مُقاومته، يحتوي الصعتر على مواد الفلافونويد المضادة للأكسدة التي تحمي الخلايا من الشيخوخة المُبكرة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. كذلك يحتوي على نسبة عالية من الألياف التي تُعزّز حركة الأمعاء، الكالسيوم الذي يُقوّي العظام والأسنان، الحديد الذي ينقل الأوكسيجين إلى مختلف أعضاء الجسم، والفيتامين K المعروف بأهمّيته في عمليّة تخثّر الدم وتقوية العظام".
يقضي على البكتيريا والفطريات
وأضافت: "أثبتت الدراسات أنّ الصعتر يؤدّي دور المُطهّر ويتمتّع بفاعليّة عالية في القضاء على البكتيريا مثل الإي كولاي والشيغيلا، وكذلك الأمر في ما يخصّ الفطريات. إلى جانب هذه الميزة، يساعد في محاربة السعال ونزلات البرد والإنفلونزا والربو والحفاظ على جهاز تنفّسي سليم، ويُعزّز عمليّة الهضم ويحافظ على جهازنا الهضميّ سليماً. والأهمّ من جميع هذه الأمور، أنّ الصعتر يساعد في محاربة أمراض القلب وتصلّب الشرايين بسبب احتوائه على مادة "التيمول" التي تمنع تجمّد الدم، كما يساعد في منع تقلّص الشرايين ويُخفّض مستوى الكولسترول السيّئ في الدم".
يتعارض مع الأدوية المُسيّلة للدم
وفي هذا السياق، حذّرت الغزال "الأشخاص الذين يتناولون أدوية مُسيّلة للدم من الإفراط في تناول الصعتر، كونه يحتوي على الفيتامين K الذي يساعد على تجميد الدم. الأمر الذي سيتعارض مع مفعول الأدوية المُتناوَلة ويؤدي إلى إنعكاسات سلبيّة. لذا وُجب عليهم استهلاكه باعتدال تامّ".
يُحارب حبّ الشباب
لكن هذا ليس كلّ شيء! للصعتر أيضاً فوائد مُرتبطة بالجمال والرشاقة شرحت عنها الغزال: "ما يُميّز الصعتر هو أنّه خالٍ من الوحدات الحراريّة إذا استُهلك من دون بذور السمسم وزيت الزيتون، وبالتالي فإنّ إدخاله إلى النظام الغذائي اليومي لن يسبّب أيّ زيادة في الوزن. كذلك أثبتت الدراسات أنّه فعّال في مُحاربة حبّ الشباب والحفاظ على بشرة خالية من العيوب، بفضل احتوائه على مواد مُحاربة للبكتيريا التي غالباً ما تكون السبب الرئيسيّ وراء معظم مشكلات البشرة".
طرق الإستفادة من منافعه
كيف يمكن الإستفادة من جميع منافع هذا النبات الأخضر؟ أجابت الغزال: "يمكن تناوله في شكله اليابس أو الطازج، وإضافته إلى صلصات الباستا والبيتزا من دون السمسم. يمكن أيضاً إدخال أوراقه الخضراء إلى سَلطات الخضار والشوربة والعجّة مع البيض والأطباق التي تحتوي على الحبوب والبقوليات، وبذلك فإنّه سيُضيف إليها نكهة لذيذة. وللحصول على منافعه المُرتبطة بتقوية الجهاز التنفّسي والحماية من الفيروسات والإلتهابات التي يتعرّض لها الفرد خصوصاً في موسم الشتاء، يكفي غلي أوراق الصعتر وشرب مائها".
إستهلكه بذكاء
وأنهت جوزيان الغزال حديثها المليء بالمُفاجآت الصحّية قائلة: "إنّ إدخال الصعتر إلى نظامك الغذائي أمر فائق الأهمّية بما أنّه خالٍ من الوحدات الحراريّة ويتمتّع بمنافع لا تُثمّن. لكن بالتأكيد يجب عدم إضافة الكثير من السمسم الذي يُعتبر غنيّاً بالسعرات الحراريّة بما أنّه نوع من الدهون، وإن كانت جيّدة. يُستحسن إذاً تناول الصعتر من دون السمسم أو استهلاكه في شكله الطازج أو اليابس".
وشدّدت على أنّه "صحيح أنّ المناقيش تُعتبر مصدراً مهمّاً للصعتر، غير أنّها تحتوي على السمسم والزيت والعجين، وبالتالي فإنّها تؤثّر سلباً في الرشاقة في حال تناولها يوميّاً. لذلك يجب عدم الإعتماد عليها كمصدر أساسيّ للحصول على فوائد الصعتر. تذكّر أخيراً أنّ الإعتدال في تناول مختلف الأطعمة عموماً والصعتر خصوصاً، يُشكّل دائماً المفتاح السرّي لبلوغ صحّة جيّدة والإسمتاع بألذّ الأطباق"