منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:44 am

1- شخصية المسيح الفريدة



من يقدر أن يتكلّم عن شخصية المسيح الفريدة ويوفيها حقها..؟!! فكل ما نقوله سيكون محاولة للاقتراب من شخصية المسيح، الذي كان في متناول كل من أراد الاقتراب إليه؛ مع إلقاء الضوء على بعض الجوانب بقدر ما يعطينا الرب نعمة للفهم أو الكلام.

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org--Jesus-Christ-Pantokrator-38

 السيد المسيح الضابط الكل (البانتوكراتور)، فريسكو يوناني

لكن شخص السيد المسيح بالرغم من أنه أخلى ذاته، وتلامس معنا كبشر من أجل خلاصنا، سوف يبقى شخصًا فريدًا جدًا وساميًا جدًا... والأسرار الكائنة المكنونة في شخصه سوف تبقى موضوعًا لتأمل وانبهار القديسين في الأبدية إلى أبد الدهور. ولن تكفى أزمنة وأجيال ودهور كثيرة لكي يستوعب الإنسان مجد المسيح وشخصيته... وهذا هو فرح الأبدية.

فريدا في كل شيء:

        السيد المسيح كان فريدًا في طاعته الكاملة للآب السماوي. وبهذه الطاعة الكاملة أرضى قلب الآب.

  وكان فريدًا في اتضاعه ولهذا قال "تعلّموا منى لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت11: 29).

      وكان فريدًا في وداعته كما كان فريدًا في اتضاعه.

      وكان فريدًا في غفرانه لأعدائه.

      وكان فريدًا في محبته.

      وكان فريدًا في حكمته.

      وكان فريدًا في تأثيره على الخطاة لاجتذابهم نحو حياة التوبة والقداسة.

 وكان فريدًا في طول أناته لعله يقبل الجميع إلى التوبة، وظهر هذا الأمر واضحًا جدًا في تعامله مع تلميذه الخائن يهوذا الإسخريوطي.

      وكان فريدًا في نصرته على الشياطين.

      وكان فريدًا في أنه هو قاهر الجحيم، وهو قاهر الموت، وهو مانح الحياة.

      وكان فريدًا في أنه هو النور الحقيقي وليس نورًا منعكسًا.

      كان فريدًا في أنه هو المخلّص الوحيد.

      وكان فريدًا في أنه هو مشتهى الأجيال، والذي دارت حوله كل النبوات والرموز في العهد القديم.

      وكان فريدًا في أنه هو صورة الله غير المنظور.

      وكان فريدًا في أنه إله وإنسان في آنٍ واحد؛ هو هو نفسه ابن الله وابن الإنسان.

 وكان فريدًا في أنه هو ابن الله الوحيد (أنظر يو1: 14)   وكلمة "الوحيد" و"الفريد" مقتربتان من بعض. فإنه على الرغم من وجود أولاد لله كثيرين، لكن عبارة "ابن الله الوحيد" لها مدلول خاص. النص اليوناني والترجمة القبطية والقبطية العربية هي "ابن الله الوحيد الجنس"

      وكان فريدًا في ولادته من العذراء مريم؛ في أنه مولود بدون زرع بشر.

      وكان فريدًا في قداسته المطلقة.

      وكان فريدًا في سلطانه في التعليم.

 ولذلك دُعي اسمه "عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام" (أش9: 6). فهو عجيب في أمور كثيرة.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:48 am

2- فريدًا في الجمع بين الأمر وعكسه في آنٍ واحد

 
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي St-Takla-org___Good-Shepherd-Window
  المسيح الراعي الصالح، صورة زجاج معشق

كان فريدًا في أنه هو الميت والحي في آنٍ واحد.

وهو المتألم وغير المتألم في آنٍ واحد.

وهو الجائع وغير الجائع في آنٍ واحد.

وهو النائم والذي لا ينعس ولا ينام في آنٍ واحد.

والذي يعرف ولا يعرف في آنٍ واحد مثل مسألة اليوم الأخير والساعة...

لهذا دُعي اسمه عجيبًا...

احتار القديسون في وصف أمره إذ كان في طفولته طفلًا وهو قديم الأيام وأزلي في آنٍ واحد.

فوق الزمن وتحت الزمن في آنٍ واحد.



يجمع الجانب الروحي والجانب اللاهوتي في آنٍ واحد:

لعلنا نلاحظ أن شخصية المسيح في حديثنا عنها؛ يحتار الإنسان ما بين الحديث من الناحية الروحية ومن الناحية اللاهوتية في آنٍ واحد. إذا تكلّم المرء روحيًا فهو يتلامس مع فكرٍ لاهوتيٍ، وإذا تكلّم لاهوتيًا فهو يتلامس مع جانبٍ روحي.



هو الله والإنسان في آنٍ واحد:

السيد المسيح قدّم صورةً مشرقةً للإنسان الكامل في كل صفاته الفريدة كإنسان. وقدّم صورة حقيقية لله حينما قال "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9).

وحينما قال إنه هو الطريق "أنا هو الطريق" (يو14: 6) فلعله كان ضمنًا يقصد أنه هو طريق الإنسان إلى الله لأنه كان إلهًا وإنسانًا في آنٍ واحد:

U  هو بين البشر عمانوئيل "الذي تفسيره الله معنا" (مت1: 23) وهو عند الآب نائب عن الإنسان وعن البشرية جمعاء لكل من يؤمن به ويقبل خلاصه العجيب.

U  فهو بالنسبة للبشر: الله الذي حلّ في وسطهم. وهو بالنسبة للآب السماوي: الإنسان الذي قدّم طاعة كاملة أرضى بها قلب الآب، ودخل إلى الموضع الذي لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية. دخل إلى الأقداس مرة واحدة فوجد فداءً  أبديًا.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:52 am

3- السماء والأرض تتعانقان على الصليب

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Jesus-Crucifixion-21

 : السيد المسيح على الصليب

حينما قال: "أنا هو الطريق" (يو14: 6) رأيناه طريقًا نحو السماء، وهو معلّق على الصليب مثل السُلّم الذي رآه الآب يعقوب منصوبًا على الأرض ورأسه يمس السماء. والرب واقف عليه بمجد. رأيناه معلّقًا بين السماء والأرض في تقدُمة الذبيحة التي خلّص بها العالم.

كان هو تقدمة البشرية إلى الله، وكان في نفس الوقت هو عطية الله للبشرية. ولذلك على الصليب نرى السماء والأرض تتعانقان؛ نراه "طريقًا كرّسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده" (عب10: 20).


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:55 am

4- كان في صورة الله (فى2: 6)


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org--Holy-Face-of-Jesus-19

  المسيح ضابط الكل رسم الفنان ديل بارسون

قال معلمنا بولس الرسول " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا. الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاسًا. لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 5-8).

كلمة "صورة" التي وردت في النص السابق عن صورة الله وصورة العبد باللغة اليونانية وهى (مورفىmorfh) بمعنى الصورة مع الطبيعة، وليس (إيكونeikwn) اليونانية بمعنى مجرد الصورة الخارجية بدون الطبيعة. فالصورة الخارجية لا تحمل نفس الطبيعة: مثل واحد التقطت له صورة -هذه الصورة مادتها مجرد ورق وألوان. ولكن صاحب الصورة هو إنسان. ففي هذه الحالة الصورة طبيعتها غير طبيعة الأصل؛ وإن كانت تُعلن عن الأصل... إنها مجرد صورة، وتُسمى eikwn- ومثال آخر: الإنسان؛ فهو على صورة الله ولكن طبيعته غير طبيعة الأصل. فالإنسان مخلوق والله خالق.. هناك فرق واضح في الطبيعة. أما كلمة (مورفىmorfh) التي قيلت عن الابن الوحيد في علاقته مع الآب فهي تعنى الصورة التي تحمل الطبيعة نفسها. فالابن الكلمة حمل صورة أبيه القدوس، وحمل نفس طبيعته وجوهره بغير انقسام. وفى تجسده أيضًا حمل نفس طبيعتنا البشرية -بغير خطية- جاعلًا إياهًا واحدًا مع لاهوته. ولهذا فقد استخدم أيضًا القديس بولس في نفس النص السابق كلمة (مورفى




كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:57 am

5- أخلى نفسه


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Life-of-Jesus-23



  يسوع

"إذ كان في صورة الله"... "أخلى نفسه" (مبدأ الـkenwseV أي الإخلاء)، معناه إنه قَبلَ أن يوجد في هيئة  غير محاطة بالمجد المنظور (His visible glory). لكن لا تعنى إنه فرّغ المحتوى الخاص بطبيعته الأصلية بحيث إنه يفقد طبيعته؛ فكلمة "أخلى نفسه" تعنى إنه وُجد في هيئة غير محاطة في ظهوره في الجسد بمجده المنظور الذي تراه الكائنات العاقلة مثل الملائكة محيطًا بلاهوته...

الأمر الجميل؛ أنه مع هذا يقول القديس يوحنا "رأينا مجده مجدًا كما  لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقًا" (يو1: 14). (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) السيد المسيح أخلى نفسه من المجد المنظور الذي يليق بطبيعته الإلهية التي هي نفسها طبيعة الآب والروح القدس. فبالرغم من أنه عندما التحف بالناسوتية أخفى هذا المجد المنظور، ظل أيضًا محتفظًا بمجده غير المنظور في البُعد الروحي الذي قال عنه يوحنا "رأينا مجده مجدًا كما لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقًا".

وشعاع من المجد قال عنه بطرس الرسول رأينا مجده إذ كنا معه في الجبل "إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى" (2بط1: 17) فهذا شعاع من المجد المنظور على جبل التجلي قَبْل الصليب لكي يقدّم للتلاميذ معونة تسندهم في وقت التجربة الرهيبة.

لكن العجيب؛ أنه وُجد في صورة عبد. وليس هذا فقط، بل "إذ وُجد في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت" (فى2: 8)، كلمة "هيئة" باليوناني (سكيماتى schmati ) مثلما نقول"إسكيم الرهبنة" أي "شكل الرهبنة".

مجرد أنه أخلى نفسه كإله بالتجسد، فهذا عمل عظيم جدًا. ولكنه لم يكفه هذا، بل بعد أن أخلى نفسه فمن حيث تصرّفه كإنسان قال: "وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب".

فهو أخلى نفسه eauton ekenwse ولم يكتفِ بذلك بل وضع نفسه كإنسان في طاعة للآب، ووضع نفسه تحت الجميع حتى أنه غسل أرجل تلاميذه... فحتى كإنسان كان متضعًا ووديعًا لكي يكون هو المَثل


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 9:58 am

6- فريدًا في حكمته

 
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Life-of-Jesus-20



  السيد يسوع المسيح في العظة على الجبل

في حكمته قيل عنه "انسكبت النعمة على شفتيك" (مز45: 2).

إن كان كلام الكنيسة عروس المسيح قد قيل عنه إنه الشهد والعسل "شفتاك يا عروس تقطران شهدًا" (نش4: 11)، فماذا يكون كلام رب الكنيسة وعريسها مخلصنا يسوع المسيح "انسكبت النعمة على شفتيك".. كان كلامه مملوءًا بالحكمة. وفى بساطة علّم بالأمثال.

وعندما كان يحاول الكتبة والفريسيون واليهود أن يصطادوه بكلمة، كانت دائمًا إجاباته تُظهر الحكمة العجيبة التي ليست مثل حكمة فلاسفة هذا الدهر، فقد كانت له فلسفته البسيطة التي تَكمُن قوتها في بساطتها، مثلما قال القديس أثناسيوس عنه في آلامه "قدوس الله الذي أظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة" تحقيقًا لقول الكتاب: "لأن جهالة الله أحكم من الناس. وضعف الله أقوى من الناس" (1كو1: 25).


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:00 am

7- فريدا في أبوته ورعايته



السيد المسيح كان فريدًا في أبوته ورعايته. لذلك دُعي اسمه "عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام" (أش9: 6) "أبًا" نحن نعلم أنه كان دائمًا يقول "متى صليتم فقولوا أبانا الذي في السماوات.." (لو11: 2)، "إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي" (يو16: 23، 24).

كان دائمًا يتكلم عن الآب وكانوا يقولون له: الآن تُخبرنا عن الآب علانية "هوذا الآن تتكلم علانية"(يو16: 29).



أبوة الآب وأبوة السيد المسيح :


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Jesus-with-Children-29



  يسوع مع أطفال

كيف نوَفّق بين أن السيد المسيح يعلِّمنا أن ندعو الآب أبًا لنا، وبين أنه هو نفسه أيضًا له أبوة روحية بالنسبة لنا؟!! بالطبع الآب فريد في أبوته، في تمايزه الأقنومي. في اللاهوت لا يوجد إلا أب واحد هو الآب السماوي. لكن الله الآب والله الابن والله الروح القدس في رعايتهم للبشر يغمرون البشر بعمل الأبوة. فالسيد المسيح من حيث عمله في الرعاية قال: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11).. كانت له أبوة روحية بالنسبة للخراف التي بذل نفسه من أجل خلاصها كراعٍ حقيقي ولذلك دُعي اسمه "أبًا أبديًا رئيس السلام" (أش9: 6). والروح القدس هو الذي يمنح الأبوة للرعاة الذين يقيمهم في الكنيسة لرعاية شعب الله. وبقوته وبسلطانه يمارسون عملهم الكهنوتي ويغفرون الخطايا على الأرض.

في صلاتنا "أبانا الذي في السماوات.." نوجّه صلاتنا هذه للآب السماوي باستمرار كما علّمنا السيد المسيح. لكن لابد لنا أن نفهم أن السيد المسيح له أبوة روحية أيضًا بالنسبة لنا. وهذا لا يتعارض مع قول الكتاب في مواضع كثيرة أنه دُعي "بكرًا بين إخوة كثيرين" (رو8: 29)... وقال "اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم" (يو20: 17) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).. ويقول الرسول بولس "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. ويُعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية" (عب2: 14، 15). باشتراكه معنا في بشريتنا دُعي أخًا.. دُعي بكرًا بين إخوة. ولقب البِكر له معانٍ كثيرة، منها أنه أخذ البكورية -التي أضاعها آدم بسبب خطيته- عن جدارة. وفى بكوريته أعاد إلى آدم كرامته وخلّصه من سلطان الخطية والموت.

أما عن أبوّته الروحية فقد قال القديس غريغوريوس، الناطق بالإلهيات، مخاطبًا السيد المسيح "كراعٍ صالح سعيت في طلب الضال. كأبٍ حقيقي تعبت معي أنا الذي سقطت".

أبوة السيد المسيح هي التي جعلتنا نشعر بأبوة الله الآب لنا.. لذلك حينما يتكلم عن الآب،  يقول أيها الآب أنا قد "عرّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26) ويقول "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9).

أبوة الله الآب لنا تلامسنا معها في شخص السيد المسيح، فعندما شعرنا بأبوة الله في شخص السيد المسيح، أُستُعلِنت الأبوة بمعناها المطلق بالنسبة للآب السماوي لأن السيد المسيح هو صورة الله غير المنظور... لكن في علاقته مع الآب؛ الابن ليست له أبوة على الإطلاق… هو الابن دائمًا الكائن في حضنه الأبوي كل حين. فعندما نتكلّم عن أبوة السيد المسيح –نتكلّم عنه من حيث علاقته بنا كبشر وليس من حيث علاقته مع الآب السماوي.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:06 am

8- فريدا في حنانه وحزمه



رأينا السيد المسيح في أبوته وهو يترفق بالخطاة، ورأيناه وهو يحذّر من الخطية.. لذلك كان يقول "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3) وفى نفس الوقت نجده يترفق بالخطاة.. أبوة تحنو ولكنها أيضًا لا تتساهل مع الخطأ...
  صورة من صور الفنان جوستاف دوريه: يسوع مع المرأة التي أمسكت في ذات الفعل

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Dore-Bible-Illustrations-079

كان فريدًا في أبوته.. يبكّت الخطاة داعيًا إياهم إلى التوبة.. يحذّر المنافقين.. لا يتساهل مع المرائين. بل يوبخهم وينذرهم بالويلات، وفى نفس الوقت يسعى في طلب الخطاة ليجتذبهم إلى التوبة ويعتني بهم قائلًا لمن لا تعجبهم عنايته الخاصة بالخطاة: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى.. لم آتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مت9: 12، 13).

للأسف أحيانًا يختلط الأمر في حياة الكنيسة في أذهان البعض بين أمرين.. بين حنان السيد المسيح وترفقه بالخطاة، وبين حزمه ومواجهته للشر وعدم التساهل معه. فالذي يكتفي بجانب واحد لا يعرف أن يحدد المسلك القويم في ممارسة العمل الرعوي... فإذا أخذ جانبًا واحدًا مثل محاسبة المخطئ على خطئه، سيفقد الناس إحساسهم بالأبوة الحانية. ولو أخذ فقط جانب الحنان والطيبة، سيفقد الناس إحساسهم بقداسة الكنيسة وقداسة الحياة مع الله، وتهتز في نظرهم القِيَم والمبادئ.

لذلك ينبغي استخدام الترفق لقيادة الخطاة إلى التوبة، واستخدام الحزم مع الذين يرفضون التوبة مقسّيين قلوبهم أو يسلكون في رياء ظانين أن التقوى تجارة.



على الصليب أُعلنت أبوة الله :

ذبيحة المسيح الخلاصية أظهرت أبوة الله الكاملة على الصليب.. أظهرت أن الغفران غفران مدفوع الثمن، وليس غفرانًا بدون قيمة. أحيانًا عندما نقول إن الغفران مجاني، نقصد أن الله هو الذي دفع الثمن. ولكن عندما ندخل في عمق الموضوع نقول إن الغفران مدفوع الثمن وثمنه غالٍ جدًا "لأنكم قد اشتُرِيتُم بثمن. فمجِّدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي لله" (1كو6: 20)  

فعلى الصليب أُعلنت محبة الله في حنانه وأبوته وأيضًا أُعلنت قداسة الله الكاملة كرافض للشر والخطية: لأن السيد المسيح حمل خطايانا في جسده وقدّم نفسه كفارة عن هذه الخطايا... إذن دَفع ثمنًا غاليًا للغفران.. إذن الصليب نفسه هو إعلان عن رفض الله للخطية "الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين" (رو8: 32) وبهذا نرى في الصليب الرحمة والحق (أو العدل) يلتقيان. لذلك يقول المزمور "الرحمة والحق تلاقيا، البر والسلام تلاثما" (مز85: 10).

لقد قدّم السيد المسيح المَثل والقدوة، لذلك نجده قَبْلَ أن يبكّت الناس على خطية، قال لهم "من منكم يبكّتني على خطية" (يو8: 46).. وعندما نصح كل إنسان قال "أخرج أولًا الخشبة من عينك. وحينئذٍ تبصر جيدًا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت7: 5). من أجل ذلك لابد أن يكون الرعاة قدوة في حياتهم وسلوكياتهم وتوبتهم لكي يستطيعوا أن يوبّخوا الخطاة إذا لزِمَ التوبيخ.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:08 am

9- فريدا في ألقابه



من ألقاب السيد المسيح الشهيرة "مونوجينيس"monogenhV  اليونانية، تُترجم أحيانًا في ترجمتنا القبطية باللغة العربية "الابن الوحيد الجنس"؛ ويظُن بعض الناس ببساطة أن المقصود بها "الطبيعة الواحدة" أي الطبيعة الواحدة للمسيح حسب عقيدة كنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية التي عبّر عنها القديس كيرلس بعبارة :

Mia fusiV tou Qeou Logou sesarkwmenh

"ميا فيزيس تو ثيئولوغو سيساركومينى"، أي "طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة".

لكن في الحقيقة، إن كلمة "الوحيد الجنس" لا علاقة لها بهذه القضية إطلاقًا. لأن كلمة "مونوجينيس" monogenhV مقصود بها "المولود الوحيد" وهى مشتقة من }"monoV" بمعنى "الوحيد" + "genoV" بمعنى "المولود أو الجنس"{.
  
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org__Coptic-Jesus-Evangelists




 السيد المسيح مع الإنجيليين الأربعة، أيقونة من الفن القبطي المعاصر

لكن لماذا يُلقب إبن الله بالابن الوحيد الجنس؟ لأنه لا يوجد هناك آخر وُلِد من الآب بنفس جوهر الآب وطبيعته الإلهية.. فلأنه الابن الوحيد المولود بجوهر الآب نفسه حاملًا لذات جوهر الآب وطبيعته، لذلك يقولون "الوحيد الجنس" أي الذي ليس غيره من نفس الجوهر الإلهي (ليس المقصود مولودًا من الجوهر، فهو مولود من الأقنوم لأن الجوهر لا يَلِد) ولكن المقصود: أن ليس غيره مولود من الآب حاملًا لذات جوهر الآب.. لذلك يضيفون في الترجمة العربية كلمة "الجنس" والمقصود بها "الجوهر أو الطبيعة".

أما كلمة "الوحيد" هنا فالمقصود بها أن ليس أحد غيره مولودًا من الآب بنفس جوهره منذ الأزل. عبارة "الابن الوحيد" وردت عدة مرات في العهد الجديد ومن أمثلتها ما ورد في: (يو3: 16) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" والمقصود بعبارة "الابن الوحيد" أنه الوحيد الذي وُلد من الآب بهذه الصورة. أما الروح القدس فهو بالانبثاق وليس بالولادة لأن الولادة تخص الابن فلا يوجد أي تداخل في هذه الخاصّية -خاصية الابن الفريدة إنه مولود.

وأيضًا كلمة "مونوس" monoV لا تأتى للطبيعة المتجسدة على الإطلاق لأننا لو قلنا monh  fusiV  ستكون عبارة أوطاخية لأن monoV  معناها "وحيد"، لكن Mia  تعنى "واحدًا". فتعبيرنا عن الوحدانية مقصود به عدم التقسيم وليس إلغاء الطبيعة الأخرى. فالطبيعة لم تُفقد بسبب الاتحاد، لكن الطبائع استمرت موجودة في الاتحاد. لذلك لابد أن الذين يتكلمون عن التجسد واتحاد الطبيعتين أن يؤكّدوا بأنه لا يمكن أن تكون إحدى الطبيعتين قد فُقدت في الاتحاد، وصارت monh  fusiV  (مونىفيزيس).

فعبارة Mia fusiV (ميافيزيس) هي السليمة لأنها تُعنى أن الطبيعتين استمرتا موجودتين في الاتحاد، وكونتا طبيعة واحدة من طبيعتين.

وعلى أساس هذا يحدث التقارب في الكريستولوجى بيننا وبين الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية إننا نؤكّد باعتقادنا في استمرار وجود الطبيعتين في الاتحاد وقد كونتا معًا طبيعة واحدة متحدة. لا توجد طبيعة امتصت الأخرى أو هَدَمتها.

فاختصاص السيد المسيح بلقب "الابن الوحيد الجنس" سيأتي بنا إلى قضية رئيسية في الموضوع لا يوجد فيها أي اختلاف بين المدارس اللاهوتية التاريخية الأرثوذكسية في هذا الأمر، وهى أن السيد المسيح هو هو نفسه ابن الله، وهو هو نفسه ابن الإنسان في آنٍ واحد. أما النساطرة فلهم مدرسة مختلفة تمامًا ومرفوضة من الأرثوذكس.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:10 am

10- ابن الإنسان وابن الله في آنٍ واحد

 أيقونة فريسكو قبطية للسيد المسيح البانتوكراتور على حائط دير الأنبا بيشوي - وادي النطرون - مصر
 
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org__Jesus-Coptic



أيقونة فريسكو قبطية للسيد المسيح البانتوكراتور على حائط دير الأنبا بيشوي - وادي النطرون - مصر

مهم جدًا في الحوار "المسيحي-غير المسيحي" أن نقول هذا المفهوم: }إننا نؤمن بإله تجسّد وصار إنسانًا وليس بإنسان تألّه وصار إلهًا{.. فنحن نؤمن بالله الذي صار إنسانًا حقيقيًا وظهر في الجسد.. لذلك قال معلمنا بولس الرسول في رسالته للعبرانيين "يسوع المسيح هو هو أمسًا (منذ الأزل) واليوم (الحاضر) وإلى الأبد" (عب13: 8).

قال السيد المسيح لليهود "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8: 58). egw "أنا" تعبّر عن أن السيد المسيح له أنا "واحدة" وليس "اثنتان" فهو شخص واحد. لا نقدر أن نغفل هذه الحقيقة في حديثنا عن شخصية المسيح الفريدة. فهو نفسه الذي وُلد من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته، وهو نفسه وُلِد في ملء الزمان من العذراء مريم بحسب إنسانيته (بحسب الجسد).

حينما قال اليهود له "ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم. قال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8: 57،58).. اليهود يكلّمون إنسانًا أمامهم، ولكي يؤكّد لهم السيد المسيح أنه شخص واحد وليس شخصين؛ قال لهم: أنا كائن قبل أن يكون إبراهيم. فهل هو كائن بحسب الجسد قبل أن يكون إبراهيم؟ بالطبع لا، لأن جسده الخاص وُجد في لحظة التجسد من العذراء مريم؛ هذه حقيقة لا ننكرها. ولكنه كائن بحسب لاهوته قبل أن يكون إبراهيم.

كلمة "أنا" هنا تُعبّر عن أن هذا الشخص المتكلّم هو نفسه ابن الله وهو نفسه ابن الإنسان في آنٍ واحد. هو نفسه إله، وهو نفسه إنسان في آنٍ واحد.. مثل قول السيد المسيح "إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا" (مت12: 8)  (أنظر كتاب "طبيعة المسيح" لقداسة البابا شنودة الثالث أطال الرب حياته).


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:14 am

11- كيف يكون المسيح إنسانًا كاملًا بدون أن يتخذ شخص إنسان في تجسده؟!



أي بدون أن يأخذ من العذراء شخص إنسان. أي لم يأخذ إنسانًا من البشر ويحِّل فيه الكلمة. بمعنى أن يأتي بإنسان، والكلمة يحِّل فيه من أول لحظة للتجسد.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يكون إنسانًا كاملًا بدون أن يأخذ شخص إنسان؟!

هو أخذ طبيعة بشرية كاملة بجسد وروح عاقلة، وجعلها خاصة به  He made our nature His own. لكن الطبيعة البشرية الكاملة في شخص كلمة الله هي إنسان كامل؛ إنسان حقيقي وليس على سبيل المجاز.

 
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org___Jesus-Christ-Pantokrator-37



 أيقونة قبطية تصور المسيح الضابط الكل، دير القديس مكاريوس، مصر

كيف يكون إنسانًا كاملًا وهو لم يأخذ من العذراء شخص إنسان؟! وإنما أخذ طبيعة بشرية كاملة؟

الإجابة على هذا السؤال : إن كلمة "الشخص" باللغة اليونانية هي: بروسوبون "proswpon" =prosopon  ومعناها: من يتجه نحو الآخر ويتعامل معه ويتبادل العلاقة. فكلمة بروس "proV" معناها "نحو".

ويوجد أشخاص منفصلون في الجوهر والكينونة مثل البشر. ويوجد من هم غير منفصلين في الجوهر والكينونة مثل أقانيم الثالوث القدوس. كل منهم هو في الآخر ويملأ الآخر. والآب هو أصل الكينونة غير المنقسمة لكلٍ من الابن بالولادة الأزلية والروح القدس بالانبثاق الأزلي.

فالبروسوبون "proswpon" = prosopon الخاص بالابن، والبروسوبون "proswpon" الخاص بالآب على الرغم من أنهما يحملان نفس الجوهر ونفس الطبيعة (الجوهر غير المتجزئ، وغير المنقسم) إلا إن الواحد يبادل الآخر العلاقة والحب.  مثلما قال السيد المسيح للآب "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" (يو17: 24)، وقال له "ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 26) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا)، ويقول له "كل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي" (يو17: 10).

إذن من هو البروسوبون " proswpon"؟ هو من يحمل الطبيعة بكل مقوّماتها وإمكانياتها ويتبادل العلاقة مع بروسوبا آخرين. هو مالك الطبيعة. وإذا كانت هذه الطبيعة فيها صفة الحب، فهو يمارس الحب بناءً على صفة جوهرية كائنة فيه مع "بروسوبون proswpon" آخر في تبادل العلاقات.

إذن؛ نقول إن البروسبون هو حامل الطبيعة ومالكها بكل ما لها من مقومات، وفيه تقوم الطبيعة حينما توجد.

فمثلًا الطبيعة البشرية كيف دخلت إلى حيز الحقيقة والوجود؟ إنها وجدت عندما وُجد آدم ثم حواء. فعندما يوجد شخص، توُجد الطبيعة محمولة فيه. فالجوهر (أو الطبيعة) يكون حقيقة عندما يحمله شخص.

وكلمة أقنوم معناها شخص حامل لطبيعة كائنة فيه فهي تشير إلى الشخص، هو والطبيعة التي يحملها.

إذا حَمَلَ شخصٌ طبيعة إلهية، فهو إله. وإذا حمل شخصٌ طبيعة إنسانية، فهو إنسان. وإذا حمل شخصٌ طبيعة ملائكية، فهو ملاك. وإذا حمل شخصٌ محددٌ الطبيعة الإلهية والإنسانية في نفس الوقت فهو إله وإنسان في نفس الوقت؛ أي إله متجسد. وهذا ما حدث في التجسد الإلهي.

فالسيد المسيح بشخصه الخاص وهو يحمل الطبيعة الإلهية أصلًا منذ الأزل؛ حمل الطبيعة الإنسانية الكاملة في نفس شخصه هذا. لذلك يقول معلمنا بولس الرسول "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8)... فأصبح مالك الطبيعة الإلهية، هو نفسه يملك الطبيعة البشرية. فهذا الشخص المالك للطبيعة؛ من حيث طبيعته الإلهية: هو إله كامل؛ إله حقيقي. ومن حيث طبيعته البشرية: هو إنسان كامل؛ وإنسان حقيقي. نفس الشخص... لم يضف إلى شخصه شخصًا آخر.

إذًا لا يوجد هنا ضميران للملكية، أحدهما يملك اللاهوت، والآخر يملك الناسوت ولكنه هو هو الذي كان إلهًا منذ الأزل ولازال إلهًا إلى الأبد. صار إنسانًا في ملء  الزمان. إنسانًا حقيقيًا كاملًا.

"كلمة الله جاء في شخصه الخاص" كما قال القديس أثناسيوس في كتابه عن التجسد. ولهذا فالإيمان السليم أن شخص المسيح هو شخص واحد وهو نفسه شخص كلمة الله الأزلي.


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 14088106041594
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالجمعة فبراير 13, 2015 10:16 am

12- هل الروح العاقلة التي في الطبيعة البشرية هي شخص؟



هنا يحدث خلط بين مفهوم الشخص والطبيعة. لأن الطبيعة هي عاقلةٌ بطبيعتها ويملكها شخص. وقد مَلك الرب الطبيعة الإلهية العاقلة بطبيعتها، فهو بشخصه الإلهي كان يملك الجوهر الإلهي العاقل منذ الأزل. ولما صار إنسانًا، صار يملك أيضًا ذهنية البشر أو العقل البشرى أيضًا لنفس الشخص، فأصبح له فِكر الإنسان وأسلوبه في التفكير وذاكرته أو ذهنية الإنسان بالطبيعة. وله أيضًا ذهنية إلهية أو فكر الله في وحدة غير ممتزجة بين الطبيعتين وخصائصهما وبلا تغيير، ولا تلغى الواحدة منهما الأخرى بسبب الاتحاد.

لذلك عندما قال أنا لا أعرف ذلك اليوم وتلك الساعة، فهذه العبارة ليس بها أية مشكلة. وقد وردت هذه العبارة في إنجيل القديس مرقس بحسب النص التالي: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب" (مر13: 32). فمثلما شرح القديس أثناسيوس أنه بحسب إنسانيته أخلى نفسه ووُجد في الهيئة كإنسان وأخذ صورة عبد. فهو لم يقبل من حيث إنسانيته أن يقتنى معرفة هذا اليوم الأخير؛ متنازلًا عن هذه المعرفة بحسب التدبير إلى أن صعد إلى السماوات ورُفع في المجد.
 


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Www-St-Takla-org__God-Light-of-the-World

 الله خالق الكون.. ونور العالم

وقد ورد في الفقرة (45) من رسالة القديس أثناسيوس الثالثة ضد الأريوسيين ما نصه: "المحبون للمسيح والذين يحملون المسيح، يعرفون أن الكلمة قال لا أعرف، لا لأنه لا يعرف، إذ هو باعتباره الكلمة يعرف (كل شيء)، ولكن لكي يظهر الناحية الإنسانية، إذ أن الجهل خاص بالبشر، وأنه قد لبس الجسد الذي يجهل، والذي بوجوده فيه قال بحسب الجسد "لا أعرف".

ولهذا السبب، فبعد قوله، ولا الابن يعرف، وتحدث عن جهل الناس في أيام نوح، أضاف مباشرة قائلًا "اسهروا إذًا، لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم" وأيضًا "في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" (مت24: 42، 44). ولكن إذ قد صرت مثلكم من أجلكم، قلت "ولا الابن". لأنه لو كان يجهل كإله كان ينبغي أن يقول "اسهروا إذن، لأني لا أعرف، وفى ساعة لا أعلمها" لكن في الواقع ليس هذا هو ما قاله. ولكن بقوله "لا تعلمون" و"في ساعة لا تظنون"، أوضح بذلك أن الجهل خاص بالبشر، الذين لأجلهم أخذ جسدًا مشابهًا لأجسادهم، وصار إنسانًا وقال "ولا الابن يعرف" لأنه لا يعرف بالجسد رغم أنه يعرف ككلمة".([1])

وقال أيضًا في الفقرة (46) من نفس الرسالة :

"عندما سأله التلاميذ عن النهاية، حسنًا قال حينئذٍ "ولا الابن" جسديًا، بسبب الجسد، لكي يظهر أنه كإنسان لا يعرف. لأن الجهل هو من خصائص البشر، ولكن إذ هو الكلمة، وهو الذي سوف يأتي، وهو الديان، وهو العريس، فهو يعرف متى وفى أية ساعة سيأتي، ومتى سيُقال "استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضئ لك المسيح" (أف5: 14). كما أنه إذ صار إنسانًا فهو كان يجوع  ويعطش ويتألم مع الناس. هكذا مع الناس كإنسان لا يعرف، رغم أنه كإله إذ هو كلمة الآب وحكمته فهو يعرف، ولا يوجد شيء لا يعرفه".([2])

إذًا عندما يقول: أنا أعرف، يكون بحسب ذِهنيته الإلهية. وعندما يقول: لا أعرف، فيكون بحسب ذهنيته البشرية... من حيث إنسانيته، هو لا يعرف، بدون فصل بين اللاهوت والناسوت.

أُعطى مثلًا بسيطًا : إذا أتى شخص ما على سبيل الفرض وطرق على قبر السيد المسيح يوم السبت بعد موته

على الصليب؛ ونادى "يا يسوع" ولم يفتح له أحد. فذهب لحال سبيله. ثم قابل هذا الشخص السيد المسيح بعد القيامة، وقال له إنه طرق على القبر يوم السبت فهل سمِعَه؟ فإذا قال له السيد المسيح:لم أسمع؛ يكون صادقًا لأنه من حيث الجسد لم يسمع. فالجسد مات موتًا حقيقيًا، وبالتالي حاسة السمع الجسدية لم تكن تعمل. وبقوله "لم أسمع" يريد تأكيد موته بحسب الجسد لئلا يظن أحد أنه كان حيًا يسمع الطرقات وهو بداخل القبر. العبارة إذن لتأكيد حقيقة إنسانيته الكاملة. وإذا قال له "كنت سامعًا" يكون صادقًا أيضًا لأنه من حيث لاهوته هو سامع لكل الأشياء... هو صادق في كلامه في كلتا الحالتين.

العجيب في شخصية السيد المسيح؛ أنه كان ميتًا وحيًا في نفس الوقت... ميتًا بحسب إنسانيته، وحيًا بحسب ألوهيته.. هو ميت وحي في آنٍ واحد.. مات حقًا بحسب الجسد وفى نفس الوقت لم يمت حقًا بحسب اللاهوت...

وبالمثل فإنه يعرف حقًا بحسب لاهوته، ولا يعرف حقًا بحسب إنسانيته. ولكن عندما رُفع في المجد؛ دخل ناسوته في حالة التمجّد التي تليق بالابن الوحيد... ولذلك نقول في القداس الباسيلي }وصعد إلى السماوات وجلس عن يمينك أيها الآب ورسم يومًا للمجازاة{... وعبارة "رسم يومًا للمجازاة" تعنى أنه لما رُفع في المجد، انتهت فكرة أنه يُخلى نفسه من بعض نواحي المعرفة إنسانيًا.

وبهذا قدّم لنا القدوة في الاتضاع وعدم البحث عما هو في دائرة سلطان الآب السماوي...

السيد المسيح شابه إخوته في كل شيء ما خلا الخطية. فلو كان قد عرف اليوم والساعة إنسانيًا أثناء وجوده على الأرض؛ فكيف يكون قد شابه إخوته بعد في كل شئ ما خلا الخطية؟!! معنى معرفته اليوم والساعة؛ أن هناك أحد الأمور لم يشابهنا فيها (وهى معرفة اليوم).

ولكنه ارتضى أن يختبر كل ما هو للإنسان بما في ذلك الجوع والعطش وبما في ذلك أيضًا أن ينسب إلى نفسه عدم المعرفة وهذه كانت أكبر ضربة للشيطان أن يقول السيد المسيح "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد و لا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب" (مر13: 32) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) لأن الشيطان قال لا يمكن أن اللوغوس LogoV الذي هو الكلمة الأزلي لا يعرف اليوم والساعة وبهذا شك في ألوهية السيد المسيح وقدرته أن ينتصر على الموت، فأتم مؤامرة الصلب بكل ما فيها من خيانة وقساوة وعدوان.

لقد نسى الشيطان أن السيد المسيح كان يتكلم في هذا الأمر بحسب إنسانيته إذ أخلى نفسه وأخذ صورة عبد "وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 8).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالخميس مارس 26, 2015 2:51 am



✞ ✞ ✞ صباح النور والمحبة والسلام ✞ ✞ ✞
✞المَجدُ لِلآبِ والابنِ والرّوحِ القُدُس✞



يا الله إلهنا،
يا من بإرادته أقام القوات العقلية الناطقة
إليك نطلب ونتضرّع أن تقبل منّا ومن جميعِ براياك
 تمجيداً حسب طاقتنا.
وأن تكافئنا بمواهب صلاحك الغنية،
 لأنّه لك تجثو كلّ ركبةٍ من السماويين والأرضيين
والذين تحت الثرى، وكلّ نسَمةٍ وخليقةٍ
تسبّح مجدَكَ الذي لا يُدرَك
 فإنّك أنت وحدك الإله الحقيقيّ والكثير الرحمة
 لأنّه إياكَ تسبِّح كلّ قوّات السّماوات
وإليكَ نرفع المجد أيّها الآب والابن والروح القدس،
 الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين، 
آمين


كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 10649632_1620090298223821_988902749717977359_n

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالخميس مارس 26, 2015 2:51 pm

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي 716752547
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعاد
الادارة العامة
الادارة العامة
سعاد


عدد المساهمات : 22227
نقاط : 30251
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي   كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 19, 2015 8:21 pm

كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي Ravyww

يسوع المسيح يبارك حياتك أختي رغدة

موضوع رائع ومجهود كبير كافئكِ الرّب ومنّ عليك الكثير من نعمه

Crying or Very sad
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب شخصية المسيح الفريدة - الأنبا بيشوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شخصية المسيح الفريدة
» دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون
» وعود وظهورات الرب للقديس الأنبا بيشوي
» سيرة القديس الأنبا بيشوي حبيب مخلصنا الصالح
» الأنبا كاراس السائح - نبدأ بأسم المسيح مديح الأنبا كاراس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: قسم السيد المسيح وام النور :: حياة رب المجد من ( ولادته الى صعوده )-
انتقل الى: