شهر مار يوسف البتول
---------------------------
اليوم الاول
تأمل في الله الآب والقديس يوسف
من الواجب علينا في مفتتح هذا الشهر المبارك , أن نرفع قبل كل شئ الحاظنا الى الله الآب مبدأ
وغاية كل الخلائق . مصدر كل عظمة ونعمة وفضيلة وأستحقاق .
انه لمن الصواب قبل مباشرتنا بمديح القديس يوسف المجيد ان نجثو , كقول رسول الأمم , أمام الله
الأب القادر على كل شيء الذي غمر القديس يوسف بنعم سماوية فريدة ومن عليه بأمتيازات سنية
وأشركه بسر الفداء مع أبنه الوحيد والبتول الكلية القداسة .
اذا اردنا ان نعرف سمو شرف القديس يوسف وعظمته , علينا ان نتمعن ملياً بعلاقته بالأب الأزلي .
لما كان الله الأب قد قرر منذ الأزل ان يخلص الجنس البشري بتجسد ابنه الوحيد , انتخب بسابق
ارادته مريم العذراء لتكون أماً للمخلص وفي الوقت عينه اعد لهذه البتول مساعداً يساعدها في المهمة
الآلهية التي دعيت اليها دون سائر البشر . لذلك فبعد ان أقر انتخابه , قبل انشاء العالم , للبتول المثلثة
القداسة . ميز أيضا من بين المنتخبين كافة هذا القديس العظيم وربطه بها برباطات صميمية مقدسة .
فانتخاب مريم اذن وانتخاب خطيبها الجليل هما مرتبطان وموضوع قرار الهي واحد منذ الازل
وبما ان مريم بسابق أنتخاب الله أياها لتلك الوظيفة السامية اضحت مباركة بين النساء وممتلئة
نعمة كذلك زين الله هذا البار بفضائل تلائم دعوته السامية ورفعه في سلم الكمال الى درجة تليق
بخطيب البتول ومربي ابن العلي .
فيسوع ومريم ويوسف هم اذن ثالوث أرضي جعله الله لخلاص العالم . يسوع اله وانسان معا ومخلص
الجنس البشري . مريم ام يسوع اذن ام الله . ويوسف رجل مريم وأبو يسوع بالذخيرة ومربيه . أسماء
ثلاثة غير قابلة الانفصال , أشخاص ثلاث مكللون بأكاليل المجد , تمتاز بسنائها , ولن نعرف عظمة
بهائها الا في السماء .
كم من عظائم نكتشف عليها , وكم من عجائب نصادف في هذا الرجل اعجوبة مفاعيل النعمة .
ان للأب الأزلي كنزين ثمينين اراد ان يوكلهما لعناية رجل , فلو كان هذان الكنزان مملكة او
عالما لاوكلهما الى احد ملائكته , لكن تلك الوديعتين هما ابنه الوحيد الذي هو أعظم بما لا نهاية
له من كل الممالك والعوالم ووالدة ابنه المجيدة اشرف الخلائق وامجدها . فأين يجد يدين نقيتين
بكفاية لا ئقتين بهاتين الوديعتين الفريدتين . من عسى ان يكون هذا المنتخب السعيد الذي سيحظى
بيسوع ومريم ويجعلهما تحت أمره . هلم يا يوسف النجار هلم يافقير الناصرة ياموضوع ثقة
الآب الأزلي , ليسلم اليك أعز ما لديه في السماء وعلى الارض لانه قد فضلك على امراء الارض
وعلى ملوكها بل على ملائكة السماء ورؤسائها .
ياللشرف العظيم ! ياللأمتياز الفريد ! لقد نال يوسف اعظم شرف يمكن انسانا ان يناله .
آقامه الآب السماوي سيدا على بيته ورئيساً على عائلته . سهر على والدة ابن الله وحمى
شرفها وحرس بتوليتها . اصبح ممثلا لسلطة الاب الازلي لدى ابنه الوحيد ولابد انه تعالى
اشركه بحنانه الابوي كما اشركه بحقوقه الابوية . لذلك فكان يوسف يأمر وأبن الله يطيعه
وكان يحبه محبة ابوية ويسوع يقابله بحب بنوي .
ياللاعجوبة ! تأملوا برهة ايها المؤمنون واسكتوا اندهاشاً ازاء هذه العظمة ! هنئوا هذا الصديق
الذي نال من سخاء الله قسطاً وافراً وافرحوا بالمجد السني الذي حازه وبالفضائل الفريدة والنعم
المجيدة التي ازدان بها . ذوقوا وانظروا ما لهذا القديس من عظم الشفقة والحنوا وثقوا به ثقة عظمى .
اندبوه يجيبكم لان الاب الازلي بعد ان ائتمنه على يسوع ومريم كنزيه الفريدين قد جعله بالوقت
عينه أمين كنوزه السماوية .
خبر
------
كان في احدى القرى ارملة فقيرة لها ثلاثة اولاد تربيهم تربية مسيحية , وكانت قد ارسلت ابنها
البكر الى العاصمة ليتقن حرفته , وعند رجوعه منها رأته مصابا بمرض عضال في جسمه وقد
اثرت على نفسه العشرة الردية فافسدت ايمانه . فاخذت تلك الارملة مع ابنتها تصليان لاجل شفاء
نفس وجسد ابنها . وكعادتهما السنوية باشرتا بشهر مار يوسف بحرارة وعبادة اكثر من الاول
وعند رجوع الابن مساء سأل امه عن معنى الزينة الموضوعة حول صورة مار يوسف .
فاجابته بأن شهر أذار مخصص لأكرامه وقد باشرت به على رجاء ان تنال أرتداده الى الله .
فضحك الشاب منها واستهزأ بالعبادة وبغايتها . ولبث بضعة أيام يسخر بالصورة والصلاة
وبعد ايام قلائل انقطع عن السخرية ورؤى مفكرا مشغول البال ثم اخذ يصغي مع والدته التي
لاحظت دموعاً تسيل من عينيه وسمعته يوماً يقول: يا مار يوسف ترحم علي , ثم خاطب والدته
واخته قائلاً : ما اتعسني لأهمالي واجباتي الدينية ما اسعدكما لمواظبتكما عليها . اني عازم على
ان اغير سيرتي واعود الى حياتي المسيحية السابقة وارجوا ذلك بشفاعة مار يوسف الذي ندبتماه
في شأني . وقرن قوله بالعمل لانه ما امكنه ان يقاوم النعمة التي دعته الى الله فاعترف بخطاياه
وتناول خبز الحياة وغاب سنين قليلة قضاها بالتقوى وخوف الله اشتد عليه مرضه وبعد ان تزود
بالأسرار الآلهية فاضت روحه وذهبت الى خالقها لتنشد مراحمه الغزيرة التي نالها بشفاعة مار يوسف .
اكرام
----------
ان من الاعمال المستحسنة والمرضية عند الله هي ان نشكره غالبا على النعم والسجايا الفريدة
التي منحها لمار يوسف وان نهنئ هذا القديس على الحظوة التي نالها من الاب الازلي . لان من
اللائق ان يفتخر الابناء الصالحون ويفرحوا بما يحوزه ابوهم من المواهب والوظائف السامية .
ونحن كلنا اضحينا ابناء مار يوسف بعد ان اعطاه الله ابنه الوحيد اخانا البكر . فلنفرح اذن ولنغتبط
لدى رؤيتنا مار يوسف مكرماً معظماً ولنصل على نية جميع الذين باشروا بهذا الشهر المبارك كي
يقضوه على احسن نمط لتمجيد هذا القديس الجليل .
صلاة
--------
اسألك ايها القديس المجيد ان تساعدني على مباشرة هذا الشهر المبارك ومواصلته وختامه
حسبما يليق بك ويرغب قلبك الحنون , فكما كنت قائداً وهادياً ليسوع مدة ثلاثين سنة هكذا
كن قائدي ومرشدي في هذه الايام المخصصة لاكرامك حتى اذا ما قضيتها بتأملي بعظائمك
واقتدائي بفضائلك استحق ان أنال شفاعتك مدة حياتي ولا سيما في ساعة موتي آمين
الإثنين مارس 02, 2015 9:02 pm
