الثبات في المسيح.
الإنجيل حسب يوحنا 15: 1-17
اثبتوا فيَّ وأنا فيكم. كما أن الغصن لا يستطيع أن يأتي بثمر بذاته إن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من يثبت فيَّ وأنا فيه فهو يأتي بثمر كثير. فإنكم بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئاً.
أنا وقد آمنت بالمسيح المخلص، أنا الإنسان الضعيف والمعرض للتجارب القوية، كيف أستطيع أن أثابر على طريق الإيمان؟ أين أجد القوة الكافية لمتابعة مسيرتي ؟ يكمن الجواب في كلمات المسيح الوداعية:
أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرَّام. كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه لكي يأتي بثمر أكثر.
ليس المؤمن بكائن مستقل يخطط لحياته ولمستقبله طريقاً خاصاً. شبَّه المسيح المؤمن بغصن في كرمة حقيقية والكرمة هي المخلص. إذن كل استقلالية هي مرفوضة مسبقاً لأنها تؤدي في النهاية إلى الانفصال عن المسيح. المبدأ الحياتي الأول هو: المثابرة على مسيرة الإيمان تعني الثبات في علاقتنا الحيوية مع يسوع المسيح.
فكما أن غصن الكرمة يبقى حياً ومثمراً ما دام في الكرمة هكذا أيضاً ينمو المؤمن في حياته ما دام يعيش مع ربه وفاديه يسوع المسيح. ليس الإيمان بالمسيح عبارة عن جواز سفر لدخول النعيم والوصول إلى الأبدية السعيدة فقط. يصل الإيمان المؤمن بربه وفاديه في هذه الحياة الدنيا وتثمر حياته بثمار التقوى والصلاح.
كيف يتم هذا والمسيح ليس على الأرض بل في يمين عرش العظمة؟ يشكل الجواب المبدأ الثاني للحياة المسيحية: نثبت في المسيح فيما إذا تشبثنا بكلمته. يتم حضور المسيح معنا بواسطة كلمته التي تعلمنا بمشيئته وتمدنا بقوته الحيوية. وكلمة المسيح هذه كلمة مدونة وهي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.
يتم الثبات في المسيح بالتشبث بكلام المسيح. ما هو رباط هذا الثبات؟ المحبة، محبة المسيح لنا ومحبتنا له. وليست المحبة حسب مفهومها الكتابي بموضوع عاطفي محض، بل تشمل جميع نواحي الشخصية البشرية. وكما قال المسيح:
كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا، فاثبتوا في محبتي. كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يكون فرحي فيكم ويكون فرحكم كاملاً.
فكما أن محبة الله الآب للمسيح يسوع هي محبة أبدية، هكذا أيضاً محبة المسيح لنا هي محبة أبدية، إنها لا تعرف حدوداً. هذه هي المحبة التي جعلت موضوع خلاصنا موضوعاً تحقق وتم في ملء الزمن أي حسب التوقيت الإلهي وفي صلب الأرض المقدسة، أي عندما مات المسيح عن خطايانا وقام من بين الأموات في صباح الأحد المجيد. ربط المسيح المحبة بحفظ وصايا الله: كما أني حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته، إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي.
لقد أحبنا المسيح محبة أبدية. أحبنا حتى النهاية، أهناك محبة أعظم من محبة المسيح لنا؟ وكما أحبنا المسيح علينا أن نحب بعضنا البعض. من يستطيع القيام بما قام به المسيح؟ الجواب ليس هناك بشري يستطيع أن يقوم بما يطلبه المسيح منا وذلك فيما إذا اتكلنا على قوانا الخاصة. ولكننا إذا ما ثبتنا في المسيح وإن كنا نعيش في جو كلمته المحررة، إذ ذاك نستطيع أن نتمم هذه الوصية