تطور مفهوم المذبح والذبيحة في الكتاب المقدس: -
فكرة المذبح ليست فكرة حديثة ولكنها قديمة فأول ذبيحة بدون مذبح كان هابيل ... ثم جاء أول
أمر إلهى بعمل مذبح وذبيحة لنوح بعد الطوفان ... ثم جاء إبراهيم ليشرح لنا فكرة المذبح
عمليا ً عندما قدم إبنه إسحق على المذبح وأخيرا ً في سفر الخروج إصحاح 30 جاء أول
أمرإلهى بعمل مذبح بدون ذبيحة ( مذبح للبخور للصلاة ) .
ونرى داود في سفر المزامير يوضح لنا القصد الإلهى من عمل المذبح حين قال في مزمور 141 " لتستقم صلاتى كالبخور قدامك ، ليكن رفع يدى كذبيحة مسائية " ( مز 141 : 2 ) .
ما هو المذبح العائلى ؟؟
هو اجتماع الأسرة حول المسيح في صلاة مشتركة ليملك الرب على حياة كل فرد فيها ، ويتم فيه توصيل كلمة الله والإيمان للأبناء ، وفيه تسليم وترسيخ مفاهيم الحياة مع الله ونقل صورة صحيحة عن الله للأبناء .
هل هناك أمر إلهى بعمل مذبح عائلى ؟؟
في العهد القديم :-
1 . ( تك 18 : 19 ) : " لأنى عرفته لكى يوصى بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا ً وعدلا ً لكى يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم "
2 . ( خر 13 : 8 ) : " وتخبر إبنك في ذلك اليوم قائلا ً من أجل ما صنع إلى الرب حين أخرجنى من مصر "
3 . ( تث 6 : 6 ، 7 ) : " ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك "
4 . ( يش 24 : 15 ) : " وإن ساء في أعينكم أن تعبدوا الرب فإختاروا لأنفسكم اليوم من تعبدون ...... وأما أنا وبيتى فنعبد
الرب "
5 . ( مز 78 : 5 ، 6 ) : " أقام شهادة في يعقوب ووضع شريعة في إسرائيل التي أوصى آباءنا أن يعرفوا بها أبناءهم لكى
يعلم الجيل الآخر بنون يولدون فيقومون ويخبرون أبناءهم "
في العهد الجديد : -
1 . ( 2 تى 1 : 5 ) : " إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذى فيك الذى سكن أولا ً في جدتك لوئيس وأمك إفنيكى ولكنى موقن
أنه فيك أيضا ً "
2 . ( أف 6 : 4 ) : " وأنتم أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربوهم بتأديب الرب وإنذاره "
3 . ( 1 تى 5 : 8 ) : " وإن كان أحد لا يعتنى بخاصته ولاسيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شر من غير المؤمن "
++ مادام المذبح العائلى فيه توصيل كلمة الله والإيمان للأبناء لذا فحجر الأساس للمذبح العائلى هو العلاقة الشخصية مع الله
والسؤال الآن : هل لك علاقة شخصية مع الله ؟؟
++ هل تقضى وقت شخصى بينك وبين الله وحدكما في خلوة يومية ؟
++ هل تشعر بحضوره ؟
++ هل تتوب بإستمرار عن كل خطية تسقط فيها وكل خطية يكشف لك الله عنها ؟
يقول الأب متى المسكين : " أنه من فرط حنان الله عليك لا يريك كل خزيك وعريك مرة واحدة لئلا تبتلع نفسك من فرط الحزن ، إنما يكشف لك الله قليلا ً قليلا ً صفحات من قضايا زناك وكبرياءك وتمردك وغضبك ونميمتك ويريك أنها لازالت قائمة ضدك مختومة بدم يسوع المسيح في إنتظار توبة صادقة وعهد مقدس "
++ هل تقدم للرب توبة عن كل خطية يكشفها لك ؟ أم تتكبر وتقول " لست أنا " !!
++ هل تطلب التغيير الدائم " تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم " ولا عاجباك نفسك ؟؟
++ نفسك تقرب من ربنا أكتر ؟؟
++ هل تقبل تحديات الطريق وصعوباته وأنت تعلم أنك محمول على أجنحة النسور ؟؟
++ هل تعرف ضعفك وتدركه ولكن لا تتصالح معه ؟؟
تقول الأم تريزا : " من عدل الله أنه يقيم إعتبارا ً لضعفنا "
++ هل عندما تسقك تندم ؟؟ ولا تشعر بصغر النفس بل تشعر أنك مقبول في ذبيحة دم يسوع المسيح .
++ هل علامات الحياة فيك أكثر من علامات الموت ؟؟
كلها تساؤلات لابد أن تجيب عنها قبل أن تستطيع أن تبنى مذبحا ً للرب في بيتك . فإن لم تكن لك العلاقة الحقيقية بالرب فأترك مهمة بناء المذبح العائلى لمن له هذه العلاقة الحية في بيتك وعليك فقط أن تستقى منه الحياة في حضرة الرب فتحيا .
++ قوة المذبح العائلى : -
في إنجيل معلمنا متى الإصحاح الثامن عشر :
" وأقول لكم أيضا ً إن إتفق منكم إثنان على الأرض في أي شيئ يطلبانه فإنه يكون لهما من قبل أبى الذى في السموات . لأنه حيثما إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمى فهناك أكون في وسطهم " ( مت 18 : 19 ، 20 )
فمن الآية يتضح أن المذبح العائلى يستمد قوته من أمرين :
الأول : أن اجتماع إثنان أو ثلاثة للصلاة معا ً سببا ً كافيا ً لحضور الله يقوته وسلطانه .
الثانى : هو " قوة الاتفاق " أي قوة الاتفاق على الطلبة – التي حسب مشيئة الله طبعا ً التي تخدم الحياة الأبدية للمصلين – فالرب يسوع يعد بأن الشيئ الذى يطلبانه يكون لهما .
++ أهمية المذبح العائلى : -
1 . المذبح العائلى يغير الرؤية : - أي رؤية الزوجة لزوجها ورؤية الزوج لزوجته . لأنه كثيرا ً ما توجد معتقدات سلبية راسخة داخل كل من الزوج والزوجة كلاهما نحو الآخر ولكن في المذبح العائلى حضور الله يغير الرؤية غير الصحيحة .
2 . المذبح العائلى هو الحصن الواقى للأبناء : - ربما يهتم الآباء والأمهات بطعام أولادهم الجسدى وملابسهم ونظافة أجسامهم ولكنهم لا يهتمون بطعامهم الروحى ونظافتهم الداخلية ، وهذه جريمة كبرى يتحمل مسئوليتها كلا الوالدين ، لأنهم يتركون أبناءهم فريسة لمكائد أبليس الذى من طبعه أن يغرس في الصغر في الوقت الذى يكون فيه حراس المنزل نياما ً . ونؤكد على أنه يجب أن يفحص الآباء طرقهم وقلوبهم وذلك لضمان حياة حقيقية مستمرة مع الرب يسوع وبذلك يؤهلون أن يوصلوا رحيق هذه الحياة للأبناء .
يقول نورمان وليامز في كتابه " المذبح العائلى "
" إن الولد الذى تناول جرعات متكررة من مصل نعمة الله منذ نعومة أظافره لن تصل إليه ميكروبات الخطية لأنه في حالة حصانة مستمرة بفاكسين النعمة وكل يوم يقترب فيه من المذبح العائلى يأخذ جرعة أخرى منشطة ترفع درجة تحصينه ضد الشر . وهكذا يكون إبن المذبح العائلى محصنا ً ضد الأمراض الروحية لأن في كيانه وقلبه وعقله ودمه توجد كمية كبيرة من الأجسام المضادة للخطية والشر هذه الأجسام المضادة تكون خط دفاع منيع لصد هجمات العدو وطرد كل ميل غريب أو إنحراف ولو بسيط عن المبادئ السامية والمثل العليا "
3 . المذبح العائلى فيه بركة خاصة : - لأن فيه قوة حضور الرب . قيل عن أحد الرهبان أنه كان يرفض أن يذهب للصلاة مع إخوته الرهبان في الدير وفى ذات يوم رأى هذا الراهب رؤية رأى شعلة من النار صغيرة ومن بعيد رأى عمود نور كبير فإستغرب فصلى إلى الرب ليكشف له المعنى في الرؤية فقال له الرب شعلة النار الصغيرة هي صلاتك بمفردك ولكن عمود النار الكبير هو صلوات إخوتك وهم مجتمعين معا ً . فإذا كان الراهب يحتاج إلى الصلوات الجماعية فكم بالأولى نحن . وقد تبدأ هذه البركة بشيئ بسيط ولكن مع مرور الوقت هذا الشيئ البسيط يكبر ويصبح حياة مليئة بحضور الرب .
4 . في المذبح العائلى نعيش الوحدانية المفقودة : - فأغلب العائلات لا تجتمع معا ً نتيجة للمشاغل ولا تفتح قلبها بعضها للبعض ، ولكن في المذبح العائلى وفى حضور الله فرصة لنعيش هذه الوحدانية المفقودة .
5 . في المذبح العائلى تشجيع لأفراد الأسرة علىى التواصل مع الرب : - فقد يمر أحد أفراد العائلة بحالة من الفتور والكسل فيشجعه أفراد أسرته على التواصل مع الرب من جديد .
6 . في المذبح العائلى المواجهة والمصارحة والمصالحة : - قيل عن أحد الخدام وهو يمارس المذبح العائلى مع أفراد أسرته ، كان يقرأ أعداد معينة متفق عليها من الإنجيل وفجأة صاحت إبنته الصغيرة " بابا إنت مش بتعمل كدة " فرد الأب الخادم " نعم يا بنتى أنا ضعيف في هذا الأمر فهل لكى أن تصلى من أجلى ؟؟ " هنا تظهر المواجهة والمصارحة .
وفى المذبح العائلى أيضا ً توجد المصالحة وطلب الغفران أعضاء الأسرة من بعضهم البعض لأنهم في محضر الرب ، حقا ً أنه في هذا الجو النقى لا مجال لإنحراف الأبناء .
++ ثمار المذبح العائلى : -
يلخص مزمور 78 ثمار المذبح العائلى :
" أقام شهادة في يعقوب ووضع شريعة في إسرائيل التي أوصى آباءنا أن يعرفوا بها أبناءهم ، لكى يعلم الجيل الآخر بنون يولدون فيقومون ويخبرون أبناءهم فيجعلون على الله إعتمادهم ولا ينسون أعمال الله بل يحفظون وصاياه ولا يكونون مثل آباءهم جيلا ً زائغا ً وماردا ً لم يثبت قلبه ولم تكن روحه أمينه لله " ( مز 78 : 5 – 8 )
ومن هذا المزمور تتضح ثمار المذبح العائلى :
1 . معرفة كلمة الله وشريعته : " لكى يعلم الجيل الآخر "
2 . الرغبة في نشر كلمة الله للآخرين : " فيقومون ويخبرون أبناءهم "
3 . الإتكال على الله : " فيجعلون على الله إعتمادهم "
4 . القداسة وحفظ وصايا الله : " بل يحفظون وصاياه "
5 . الثبات والأمانة : " ولا يكونون مثل آباءهم جيلا ً زائغا ً "
++ كيف نعد المذبح العائلى ؟
1 . الاتفاق على وقت مناسب : قد يكون يوم في الأسبوع بحد أدنى نصف ساعة وليس بحد أقصى ، وهناك من يقوم بعمل المذبح يوميا ً لمدة عشرة دقائق مع وجود يوم في الأسبوع تكون مدة المذبح العائلى كبيرة نسبيا ً . ومن المهم أن يكون الميعاد المتفق عليه مناسب للجميع .
2 . فترة تسبيح وصلاة : - سواء بجزء من التسبحة أو بترنيمة " أعبدوا الرب بفرح أدخلوا حضرته بترنم " ( ............ ) ثم فترة صلاة يقوم كل فرد بالصلاة إرتجاليا ً صلاة قصيرة أو يمكن الصلاة بإستخدام المزامير مع توزيع المزامير على أفراد الأسرة مع تجنب التطويل في حالة وجود أطفال صغار مع العلم بأن عدد الدقائق التي يستطيع الطفل أن يجلسها بتركيز = عمر الطفل + 2 .
3 . فترة قراءة الكتاب المقدس : حيث نوزع الأعداد المتفق على قراءتها على أفراد الأسرة مع تفسير الجزء المقروء وتحديد الرسائل الروحية منها . وفى حالة أن يكون الأطفال صغارا ً يمكن إستخدام الكتاب المقدس المصور وتحديد الرسائل الروحية أو إستخدام قصص الكتاب المقدس أو التمثيل ، كما يمكن إستخدام الألعاب والرسم لتحقيق نفس الهدف .
4 . فترة الإعترافات و المصارحة والمصالحة : - أي إذا كان الأب مثلا ً قد أخطأ في حق أحد الأبناء أو في حق الأم فعليه في حضرة الرب أن يعترف بهذا الخطأ . وفيها يحكى الأولاد ووالديهم المشاكل التي تواجههم في الحياة ويطلب من أفراد العائلة أن تصلى معه من أجل هذا الأمر . وأيضا ً هي فترة للعتاب في حضرة الرب لتجديد العهود مع أفراد العائلة .
++ ما هي مدلولات المذبح العائلى ؟
1 . هذا البيت له إله حقيقى .
2 . الرب له مكانته وهيبته في هذا البيت وله السلطان .
3 . نحن نهتم بخلاص بعضنا البعض .
4 . نحن نهتم بحياة الشركة .
5 . رغبتنا في الإقتراب من الله وترك الخطية .
++ معطلات المذبح العائلى : -
1 . كلا الأبوين ليس له علاقة بالله : - فتظهر المشكلة إذا كان الأطفال صغارا ً فمن سيسقيهم اللبن الروحى ؟؟ أو إذا كان أبناءهم كبارا ً وليس لأحد منهم علاقة حية حقيقية بالرب فأين مصدر النور في هذا المشهد ؟؟
2 . عدم الاتفاق على الميعاد : - يقوم فرد واحد بتشجيع الكل على إختيار الوقت المناسب بنوع من المرونة والتفاهم .
3 . عدم الإنتظام : - قد يدب الكسل في الأسرة ولا تنتظم على عمل المذبح العائلى ، أو لسبب وقوع مشكلة في المنزل بين
أفراد الأسرة ، أو تعرض الزوج أو الزوجة أو الأبناء لضغوط الحياة .
4 . رفض أحد أفراد الأسرة : - قد يرفض أحد أفراد الأسرة الاجتماع معا ً لسبب الخجل أو الإنطواء أو لأى سبب آخر فيكون الحل هو أن يبدأ الأفراد المستعدين لعمل المذبح العائلى ويصلون لهذا الفرد وقوة المسيح الحاضرة في المذبح العائلى قادرة أن تضمه للمذبح . ( البنت وقصة الخمر )
5 . الإستسلام للعوائق : - قد ننهزم أحيانا ً أمام العوائق ولكن أحضان الرب مفتوحة في كل وقت تطلبنا وتشجعنا فإن أهملنا لفترة علينا أن نعود سريعا ً ونطلب من الرب ثباتا ً لهذا المذبح .
++ أنواع الذبائح المقدمة على المذبح العائلى : -
1 . ذبيحة الحب : - فمحبتنا لبعضنا البعض ليست محبة جسدانية نفسية ولكنها محبة روحية غافرة وباذلة مبنية على الغفران والمصالحة اللذين يعطيهما الرب لكل من يطلبه ولا تتوقف على إستحقاق الشريك ولكنها هبة من الله للقلوب التي تطلبه . فالإنسان يحب الله أولا ً ومن خلاله يستطيع أن يحب شريك الحياة وليس العكس .
2 . ذبيحة الشركة : - من خلال ترك الإهتمام بالذات وتوجيه الاهتمام لشريك الحياة والأولاد من خلال الإصغاء والإستماع الجيد والشعور بالآخر ، وتقديم الدواء للمشاعر من خلال أن أضع نفسى مكان الآخر .
3 . ذبيحة الإتضاع : - من خلال الإعتراف بالأخطاء والضعفات والإعتذار عنها وتقديم التعهدات أمام الله والأسرة بتركها ، وأيضا ً من خلال عدم التمسك بالرأى لمجرد أنه رأيي وليس بسبب أنه يصب في مصلحة الأسرة .
4 . ذبيحة التسبيح والصوم والصلاة : - وتعنى السعي نحو نقل عقولنا من الاهتمام العالمى إلى سيرة روحانية من خلال التعب في الصلاة والتسبيح والصوم ، والتركيز في الصلاة والتسبيح ، وقمع شهوات الجسد فكل هذه ذبائح روحية يقبلها الله على المذبح العائلى .
الأسرة هي نواة الكنيسة ، تكونت يوم الإكليل أمام هيكل رب الصاباؤوت ، وأصبح الزوجان مسئولان عنها وعن خلاصها بجميع أفرادها أمام الرب ، وعن تنشئة الأولاد على الإيمان المسيحى وعلى الحياة المسيحية اللائقة بأولاد الرب ، فإذا وجد في الأسرة فرد واحد فقط مختبر للحياة المسيحية يستطيع أن ينقل هذه الحياة إلى كل أفراد الأسرة ويتم هذا من خلال المذبح العائلى ، وكلما زاد عدد الأفراد المختبرين للحياة مع الرب تزداد هذه الأسرة إشتعالا ً ونورا ً وكرازة فهم يشبهون الفحم في الشورية التي تشعل بعضها البعض ، وعلى العكس فعدم وجود أي فرد في الأسرة له إختبار حقيقى وحياة حقيقية مع الرب يؤدى مباشرة إلى موت الأسرة روحيا ً إلى أن يفتقد الرب أحد أفرادها بمراحمه ليتولى مسئوليتة في عمل مذبح عائلى ينقل من خلاله الحياة التي فيه إلى الآخرين .
الثلاثاء مايو 03, 2016 5:46 pm
