قصة وعبرة : صيّاد سمك

قصة وعبرة

صيّاد سمك جادّ في عمله، يصطاد كلّ يوم سمكة، وذات يوم، وبينما كانت زوجته تقطع ما اصطاد، إذا بها ترى أمرًا عجيبًا دفعها لتتساءل: "لؤلؤة في بطن السمكة؟!! يا سبحان الله". ثمّ بدأت تنادي زوجها بأعلى صوتها: "أنظر ماذا وجدت؟! إنّها لؤلؤة، لؤلؤة جميلة في بطن السمكة!!". فأجابها: "يا لها من مفاجأة رائعة، أحضريها، لعلّنا نقتات اليوم، بواسطتها، شيئًا آخر غير السمك".

أخذ الصيّاد اللؤلؤة، وذهب بها إلى بائع اللؤلؤ، فنظر إليها، وقال: "إنّها جميلة جدًّا، لكنّني، للأسف، لا أستطيع شراءها. ياه! إنّها لا تقدّر بثمن. لو بعت دكّاني وبيتي لا أستطيع أن أحضر لك ثمنها، ولكن اذهب إلى شيخ الباعة في المدينة المجاورة، لعلّه يستطيع أن يشتريها منك".

أخذ صاحبنا لؤلؤته، وذهب بها إلى البائع الكبير في المدينة المجاورة، وعرضها عليه، فردّ هذا: "ياالله، يا أخي، إنّ ما تملكه لا يُقدَّر بثمن، لكنّي لا أستطيع ابتياعها منك، غير أنّي وجدت لك حلاًّ: اذهب إلى والي المدينة، فهو القادر الوحيد على شراء مثل هذه اللؤلؤة".

وعند باب قصر الوالي، وقف صاحبنا، ومعه كنزه الثمين، ينتظر الإذن له بالدخول. وما إن رآها الوالي، حتّى صاح: "يا الله!! إنّ مثل هذه اللآلئ هو ما أبحث عنه. وبما أنّي لا أعرف كيف أقدّر ثمنها لك، سأسمح لك بالدخول إلى الغرفة الخاصّة في القصر، وستبقى فيها ستّ ساعات، فخذ منها ما تشاء، ويكون هذا هو ثمن اللؤلؤة".

- اجعلهما ساعتين، يا سيّدي، فستّ ساعات كثيرة على صيّاد مثلي.

- لا، بل ستّ ساعات كاملة لتأخذ من الغرفة كلّ ما تشتهي.

دخل صاحبنا الغرفة، وإذا به يرى منظرًا مهولاً: قاعة كبيرة جدًّا، مقسَّمة إلى ثلاثة أقسام: قسم مليء بالجواهر والذهب واللآلئ، وقسم به فراش وثير كلّ من ينظر إليه يتمنّى أن ينام فيه ليرتاح من أتعابه، وقسم يحوي جميع ما يشتهي من المآكل والأشربة.

فقال الصيّاد محدّثًا نفسه: "ستّ ساعات؟ إنّها كثيرة جدًّا على صيّاد بسيط الحال مثلي! ماذا سأفعل بستّ ساعات؟! حسنًا، سأبدأ بالطعام الموجود في القسم الثالث، سآكل حتّى يمتلئ بطني، ثمّ أجمع أكبر قدر من الذهب". وهكذا، هبّ صاحبنا إلى القسم الثالث، وقضى ساعتين من الوقت يأكل ويأكل حتّى إذا انتهى، ذهب إلى القسم الأوّل، وفي طريقه رأى ذلك الفراش الوثير، فحدّث نفسه: "الآن أكلت حتّى شبعت، فلماذا لا أسترق قليلاً من النوم، فأرتاح، وهكذا يمكنني أن أجمع أكبر قدر ممكن. إنّها فرصة لن تتكرّر في حياتي، فأيّ غباء، إذًا، يجعلني أضيّعها!!".

ذهب الصيّاد إلى الفراش، وغطّ في نوم عميق، وبعد برهة من الزمن سمع صوت الوالي يقول له: "قم، قمّ، أيّها الصيّاد الأحمق، لقد انتهت المهلة.

- ماذا؟!!

- نعم، هيّا إلى الخارج.

- أرجوك دعني قليلاً، فإنّي لم آخذ، بعد، الفرصة الكافية.

- ها قد مضت ستّ ساعات وأنت قابع في هذه الغرفة، أفلآن استفقت من غفلتك، وتريد الاستزادة من الجواهر؟!! أما كان لك أن تجمع ما تراه مناسبًا لك من هذه الجواهر، حتّى إذا ما خرجت من هنا تشتري لك أفضل الطعام وأجوده، وتصنع لك أروع فراش وأمتعه، ولكنّك رجل أحمق لا تفكّر إلاّ في المحيط الذي أنت فيه. ثمّ نادى الوالي خادمه، وقال له: "أخرجه خارجًا".

أحبّاءنا، لقد انتهت قصّتنا، ولكنّ العِبرة منها لم تنتهِ. أرأيتم تلك اللآلئ؟ هي أنفسكم. إنّها كنز لا يقدّر بثمن، لكنّكم لا تقدّرون ذلك الكنز حقّ التقدير!!

أرأيتم تلك الغرفة؟ إنّها هذا العالم، فانظروا عظمته وغناه، وانظروا، أيضًا، إلى كيفيّة استغلالكم له.

أمّا عن الجواهر، فهي الأعمال الصالحة. وأمّا عن الفراش الوثير، فهو الغفلة. وأمّا عن الطعام والأشربة، فهي الشهوات. والآن، يا أخي ... أما آن لك أن تستيقظ من نومك، وتترك الفراش المريح، وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك قبل أن تنتهي تلك المدّة الممنوحة لك، وهي عمرك، فتخسر وتخرج من الدنيا صفر اليدين!!

اجعلنا يا رب ان نكون نظير العذارى الحكيمات

و نكون مستعدين حاضرين مشتعلين بروح الفهم و اليقظة

قصة رائعة معبرة

دمت لنا اختنا رغدا

قصة وعبرة : صيّاد سمك 3136646564_1_4_J9f7QeVU

شكرا على المرور

تقديري واحترامي

قصة وعبرة : صيّاد سمك 13620745_1274089819329655_7066420993475547933_n

» الناسك على الصليب (قصّة وعبرة)
» قصة وعبرة ...
» لفتى حافي القدمين – قصة وعبرة
» قصص عن الأم والأب وعبرة
» ملاك الله (قصة وعبرة)