✥ القديسون ماركياني الشهيدة وسمعان العمودي (الجبل العجيب) وسوسانة الشهيدة (24 أيار)
✥ القديس البار سمعان العمودي الذي من الجبل العجيب (+592م):﴿ اَلثّلاثاء ٢٤ / ٥ / ٢٠١٦ ﴾
✥ أَلسِّنْكسَار ✥
ولادتُهُ ونشأتُهُ: وُلِدَ أبينا سمعان في أنطاكية، سنة 521م، من أبويين عطارين من الرها. عُمِّد وهو في سن الثانية، نشأ على المحبة والإيمان بالرب يسوع وعمل كل برٍّ وفضيلة.
ترهبُهُ: نتيجةً لرؤيا إلهية اتجه سمعان إلى دير يبعد من أنطاكية حوالي ثلاثة عشر كيلو متراً، باتجاه سلفكية، يُديره يوحنا العامودي. هذا الأخير استقبله بفرحٍ وضمه إليه للحال واعتنى بأمر إرشاده في سبل الحياة الملائكية، لأنه رأى فيه أنه مختار الله. ولقد أذهلته علامات الحكمة والزهد التي استبانت على الولد وكان قد صار في السادسة.
مذ ذاك لم يكن سمعان يتناول الطعام إلا مرة كل ثلاثة أو سبعة أيام.
بدء نسكه العمودي: رغب هذا الراهب الصغير في الإقتداء بأبيه الروحي في كل شيء. فبعد سنة من قدومه إلى الشيخ أقام شبه عمود قليل الارتفاع، بقرب عمود يوحنا وشرع في السيرة العمودية. وقد تشدد في سعيه إثر رؤيا أبان له الرب يسوع المسيح فيها أن انتصابه على العامود يشبه صلب السيد، وأن هذه له هي الوسيلة للإقتداء بآلامه الخلاصية.
صرامة نسكه: أخذ سمعان يزداد أتعاباً في مواجهة الطبيعة: حين كان يوحنا ينشد ثلاثين مزموراً خلال صلاته الليلية، كان سمعان ينشد خمسين أو ثمانين. كان يقف الليل بطوله ليتلو كتاب المزامير برّمتِهِ. أما نهاريه فكان يقضيها في تمجيد الله في غربة عن كلِّ طعام. تقشفاته جعلته عرضة لتأنيب رئيسه. على هذا أبدى هذا الولد العمودي حمية المحارب المتمرس في الصراع ضد الأبالسة.
هجمات هؤلاء كانت تتعاقب ورؤى سماوية كانت تنزل عليه لتشدده. كما، منَّ الله عليه بنعمة طرد الأرواح الخبيثة وشفاء المرضى. شهرة سمعان كناسك وصانع عجائب انتشرت بسرعة في كل الناحية واجتذبت القديس البطريرك الأنطاكي أفرام (527-545م) إلى زيارته. كذلك أخذت الجموع تتدفق عليه وعلى شيخه معاً.
شماساً: لما أضحى سمعان في سن الثالثة عشرة، في العام 553م، وبعد ست سنوات من السيرة العمودية، رغب في الإقتداء بسابقه المجيد القديس سمعان العمودي الكبير. فأقام عموداً بعلو اثني عشر متراً. وفيما كان العمود يُشاد وكان سمعان على وشك الصعود عليه جاءه رئيس أساقفة أنطاكية وأسقف سلفكيا زائرين إلى الدير وساماه شماساً بخلاف سن الشموسية الذي هو الخامسة والعشرون. ثم واكباه بالترتيل والصلوات إلى العمود الذي بقي عليه ثماني سنوات ممتداً كله إلى السماء.
رئيس بدلاً من أبيه: إثر وفاة أبيه الروحي، انتقلت إليه رئاسة الشركة إلى آخر أيامه. لم يؤِّثر هذا الأمر على حياته النسكية، أو على صلاته المتواصلة. بالعكس أعتمد المزيد من الأفعال النسكية غير العادية، والتي من خلالها كان يعالج هموم الدير.
ولما أخذ ألاف الحجاج والممسوسين والمرضى يشقون طريقهم إلى القديس، نبهه الرب الإله إلى أنه سوف ير لحاجات الناس. وقد ظهر له ملاك الرب ورسم على الأرض مخططاً لدير فسيح وكنيسة، في الموضع عينه الذي كان يشغله. ثم أن غيمة مضيئة بيضاء غطت الجبل العجيب. بعد ذلك بفترة قصيرة قدم رجال إيصافريون، سبق للقديس أن أبرأهم، فشرعوا بتوجيهات القديس يعملون معه في البناء.
وسط هذا المجمع المؤلف من كنيسة باسم الثالوث القدوس وأبنية رهبانية توزعت بشكل صليب أقيم للقديس عمود جديد يتراوح ارتفاعه بين الستة عشر والثمانية عشر متراً. وفي الرابع من حزيران سنة 551م نزل القديس سمعان من النتوء الصخري الذي مثل عليه منذ عشر سنوات. وإذ جعله الرهبان على عرش وهو يضم إلى صدره الأناجيل المقدسة، طاف في أرجاء الدير الجديد مباركاً، وكانت أمه القديسة مرتا تطوف معه، وقد حملت الصليب ورتلت "هليلويا" كانت تطوف أمامه. بعدها صعد إلى العامود الجديد، وظهر له الرب يسوع بكل مجده وبارك صعوده إليه.
كاهناً: في سنة الثالثة والثلاثين قَبِلَ سمعان السيامة من يد الأسقف ديونيسيوس السلوقي الذي صعد إليه على العامود.
نبياً: في العام 557م، إثر رؤيا مرعبة، أعلن سمعان عن هزَّات أرضية كبيرة مزمعة أن تحدث. وكما تنبأ ضرب زلزال عنيف القسطنطينية ونيقية وضرب نيقوميذية وريفيوس. كما أنه أنبأ بأن الطاعون سيضرب أنطاكية. وهذا ما حدث، حتى أن الطاعون بلغ الجبل العجيب ورقد بعض رهبان سمعان ومن بينهم أحد تلامذته المحبوبين.
رقادُهُ: عاش سمعان إلى سن الحادي والسبعين. قبل رقاده تنبأ بصعوبات سوف يمر بها الدير بسبب مؤامرات أنغولاس. كما كشف لراهبين أنه، منذ شبابه، حظي من الله بنعمة العيش من دون طعام وأن ملاكاً كان كل يوم أحد، بعد القداس الإلهي، يأتيه بطعام سري. ثم زود الأخوة بإرشاداته وأسلم روحه، بين يدي الله الحي بسلام. كان رقادُهُ في 24 أيار سنة 592م.