المرأة للرجل
لقد كان بغد ظهر يوم شديد الرياح، وكانت الشمس تظهر من خلال الغيوم السريعة لفترات قصيرة جدا. كنت أريد أن أكون في الخارج حيث الرياح، فخرجت أنا والكلب ما كدف إلى نانتاكيت ساوند حيث كان بإمكاننا أن نركض على الشاطئ الطويل الخالي من الناس. كانت الرياح تدفعنا ونحن نركض، فقطعنا مسافة ميل واحد قبل أن نعود أدراجنا. في طريق العودة، كانت الرمال تهب في أعيننا والرياح تقاوم مسيرنا، فكان علي أن أقاومها بدوري. أما ماكدف فطوى أذنيه وعطس بسبب الرمال التي لصقت بخطمه. في منتصف الطريق، وجدت تلا من الرمال كمأوى لنا فجلسنا بحمايته. كان ماكدف سعيدا بالجلوس بجانبي لبعضة دقائق حتى أدرك فجأة أن عليه أن يبدأ بالحفر. فبدأ بحفر بنشاط عارم مرسلا وابلا من الرمال خلفه بفضل قدميه الأماميتين القويتين.
ليس من الصعب التفكير بعظمة الله عندما ننظر إلى البحر وإلى اتساع الأفق والسماء. ليس من الصعب التفكير بعظمة قدرته على التخيل عندما ندرس تصاميم الأصداف. (ما أقصد بقوله هو أنه ليس من الصعب التفكير في ذلك. لكن من الصعب بل من المستحيل فهم ذلك. قال القديس يوحنا الدمشقي، أحد آباء الكنيسة من القرن الثامن: “الله لامتناه ولا يمكن إدراكه، وكل ما يمكن إدراكه عنه هو لا متناهيته وحقيقة أنه لا يدرك.”) الله هو كلي القدرة وهو الخالق وهو أيضا إله النظام والتناغم والتصميم. نحن نؤمن بقصة الخلق الواردة في أو أصحاحين من الكتاب المقدس، ونبتهج لمعرفة أن خالق تلك القائمة الطويلة من الأمور العجيبة ابتهج عندما تأمل في ما خلق. لقد صنع كل شيء بكلمة قدرته، وعندما نظر إلى ما صنعه، وجده جيدا.
لقد خلق الله الإنسان على صورته، ثم لأول مرة، رأى الله أمرا لم يكن جيدا: لم يكن جيدا أن يكون الرجل وحده. لقد عزم الله على صنع معين مناسب له، وبعد أن اتخذ هذا القرار، بحسب سفر التكوين 19:2، خلق الله الحيوانات والطيور وكأنه كان يمكن اختيار هذا المعين من بين تلك المخلوقات. لقد أحضرهم الله لآدم “ليرى ماذا يدعوها” (تكوين 19:2). تخيلي الخالق كلي القدرة وهو ينتظر “ليرى” ماذا كان مخلوقه آدم سيدعو تلك المخلوقات، لقد وجد آدم أسماء لكل واحد منها. كانت قدرته على التخيل مثيرة للإعجاب أيضا. لقد فكر باسم لكل نوع من أنواع الماشية والطيور والحيوانات، ولا بد أن آدم والله نظرا مرة ثانية سويا لكل تلك الحيوانات.
يا له من مشهد رائع الله وآدم ينظران لتلك الحيوانات. هل شعر آدم وهو يفكر في تلك المخلوقات المختلفة ولو لبرهة قصيرة بأزمة هوية، كما لو كنت أنا سأشعر، فسأل: “من أنا بالمقارنة معهم؟”.
كلنا نحب حديقة الحيوانات، فنقف ونحدق بالحيوانات. ذات مرة عندما كنت تحدقين في فيل وعمرك ثلاث أو أربع سنوات، قلت أخيرا: “لماذا تمتلك الفيلة هذه الأشياء بدلا من الأقدام؟”
إن الحيوانات تقف وتتفرس فينا بالمقابل، وتقابل أعينهم أعيننا من خلال القضبان. يفصلنا عن الحيوانات أمر عظيم بشكل لامتناه. هناك هوة عظيمة مثبتة ولغز لا يمكن فهمه والذي أعتقد أحيانا أن الحيوانات تدركه فالحيوانات تتفرس فينا بسكون معين يذكرني بمدى عمق جهلي أنا. إن الإنسان يقبض على الحيوانات ويستخدمها ويسيطر عليها ويقتلها، وأحيانا يحبها.
نحن نحب كلبنا ماكدف. لا يمكن لكلمة أخر غير الحب أن تعبر عن مشاعرنا نحوه. إننا نحبه. فهو رفيق جيد، هادئ تماما عندما يكون في البيت وأنا أعمل، ومستعد لعمل أي شيء أقرر أن أفعله بعد الظهر، ومخلص تماما لمهمته الإلهية وهي إسعادي (نعم، أظن أن الله قد أوكل إليه هذه المهمة). أنا متأكدة أن آدم كان يحب الحيوانات التي كانت ترافقه في جنة عدن. ولربما كان آدم يمتلك حيوانا مفضلا كثل كلب أو حصان أو أحادي القرن. ولكن ماذا كان آدم يدرك، وماذا يدرك، وماذا ندرك نحن أيضا؟
لقد قرأت البارحة عن فرس سباق جميلة حطمت كاحلها في منتصف السباق ولكنها استمرت في العدو لأنها كانت تعمل ما قد تدربت على عمله، حتى أضطرت للتوقف أخيرا. لقد حاول الجميع إصلاح كاحلها ولكن عندما استعادت الفرس وعليها، ألقت بالجبيرة في نوبة من الخوف والألم، فكان عليهم أن يقتلوها. لقد أذهلتني صورة تلك المخلوقة الرائعة في المجلة وهي ممسكة. بلجام رقيق بينما كانت ترجع إلى الوراء. لقد كانت طاعتها لمدربيها وفارسها سببا لكسب النقود لمالكيها، كما كانت سببا لمعاناتها وموتها. لم يكن بمقدور أحد أن يفسر لها أو يعتذر منها.
إن الحيوانات موجودة كمخلوقات مثلنا ولها الخالق نفسه، شريكة في معاناتنا، بكماء وغامضة. “وأما لنفسه فلم يجد معينا نظيره” (تكوين 20:2).
كان يمكن لله أن يقدم لآدم رجلا آخر ليكون صديقه، لكي يتمشيا ويتحدثا ويتناقشا سويا إن كان هذا سيسعده. ولكن آدم كان بحاجة لأكثر من مجرد رفقة الحيوانات أو صداقة رجل. كان آدم بحاجة لمعين مصمم خصيصا له ومستعد للقيام بذلك الدور. لقد أعطى الله لآدم امرأة، “نظير”، تلائمه وتناسبه، ومتوافقة كليا معه ومخلوقة من عظمه ولحمه بالذات.
لا يمكنك أن تستخدمي شيئا استخداما صحيحا إلا إذا عرفت الهدف من صنعه، سواء كان ذلك الشيء هو دبوس أمان أو مركب شراعي. بالنسبة لي، أجد أنه أمر رائع أن أكون امرأة خاضعة لله وأن أعرف، قبل كل شيء أننا خلقنا (“فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم” تكوين 27:1)، ثم أننا خلقنا لهدف معين (“وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم” تكوين 22:2).
لقد كانت هذه هي الفكرة الأصلية. لهذا الغرض خلقت المرأة. يشير العهد الجديد بوضوح وبتركيز إلى هذا الغرض: “لأن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل” (1 كورنثوس 9:11). قد يتم تفسير بعض النصوص بطرق مختلفة، ولكني لا أستطيع أن أجد أي غموض في هذه الآية.