إذا كان المسيح هو الله، فكيف يموت الله وهو الحي القيوم؟
كيف يموت المسيح على الرغم من لاهوته؟ هل الله يموت؟
وهل موت المسيح كان ضعفا؟
****************
إن الله لا يموت. اللاهوت لا يموت.
ولكن السيد المسيح ليس لاهوتا فقط، إنما هو متحد بالناسوت. لقد أخذ ناسوتا من نفس طبيعتنا البشرية، دعي بسببه "إبن الإنسان". وناسوته مكون من الجسد البشري متحدا بروح بشرية، بطبيعة مثل طبيعتنا قابلة للموت. ولكنها متحدة بالطبيعة الإلهية بغير انفصال. وعندما مات على الصليب، إنما مات الجسد، بالناسوت. وموت المسيح لم يكن ضعفا. ولم يكن ضد لاهوته. لم يكن ضد لاهوته، لأن اللاهوت حي بطبيعته لا يموت، كما أنه شاء لناسوته أن يموت كمحرقة سرور، أيضا لفداء العالم. ولم يكن موته ضعفا، للأسباب الآتية:
1 - لم يكن موته ضعفا، إنما حبا وبذلا. وكما يقول الكتاب: "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو 15 : 13)
2 - السيد المسيح تقدم إلى الموت باختياره، فهو الذي بذل ذاته لكي يفدي البشرية من حكم الموت. وما أعظم قوله في الدلالة على ذلك "أنا أضع ذاتي لآخذها أيضا. ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضا" (يو 10 : 17، 17). ***** إن ضعف الإنسان العادي في موته، يتركز في أمرين:
1 - أنه يموت على الرغم منه، وليس له سلطان أن يهرب من الموت. أما المسيح فقد بذل ذاته دون أن يأخذها أحد منه.
2 - الإنسان العادي إذا مات، ليس في إمكانه أن يقوم إلا أقامه الله. أما المسيح فقام من ذاته. وقال عن روحه "لي سلطان أن آخذها أيضا". وهذا كلام يقال من مركز القوة وليس من مركز الضعف. ***** ومن دلائل قوة المسيح في موته:
1 - أنه في صلبه وموته "إذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين. "حتى أن قائد المائة الذي كان يحرسه خاف بسبب هذه المعجزة هو وجنوده وقالوا: حقا كان هذا إبن الله. (متى 27 : 51 - 52)
2 - دليل آخر، أنه في موته كان يعمل، إذ فتح الفردوس وأدخل فيه آدم وباقي الأبرار واللص.
3 - من دلائل قوته في موته، أنه بالموت داس الموت (2 تى 1 : 10، عب 2 : 14). وأصبح الموت حاليا مجرد قنطرة ذهبية يصل بها الناس إلى الحياة الأفضل. فيقول بولس الرسول "أين شوكتك يا موت" (1 كو 15 : 55). ***** من كان يدير الكون إذن أثناء موته؟
في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان.
لاهوته كان يدير الكون. اللاهوت الذي لا يموت، الذي لم يتأثر إطلاقا بموت الجسد. اللاهوت الموجود في كل مكان، الذي هو أيضا في السماء (يو 3 : 13). إن الله حقا حي لا يموت، وهو قائم بذاته، وعلة قيام كل حي. ولكن إذ أصبحت هناك حاجة لغفران الخطية بموت من هو مثل الله ولا يكافئ الله غير ذاته وكلمته. لذلك تمم لنا تجسده وتأنسه في كلمته الذي من طبعه ومن جوهره. وبتجسد الكلمة وتأنسه صار قابلا للموت.
ولكن الذي ذاق الموت هو جسد بشريته وليس لاهوته لأن اللاهوت لا يموت. لذلك صار الموت لكلمة الله معنويا من أجل إتحاده بجسد. أي أن السيد المسيح قد مات بحسب الجسد، لكن لم يمت بحسب طبيعته الإلهية. فالإنسان العادي له روح وجسد: فروحه لا تموت، ولكن جسده يموت، وهو إنسان واحد. فبعد أن يموت جسد الإنسان يبقى روحا حيا لأن إلهنا "ليس هو إله أموات بل اله أحياء" (إنجيل مرقس 27:12).
ومما سبق نستنتج حقيقة أن الله مات بمعنى ولم يمت بمعنى آخر. فهو لم يمت بلاهوته ولكن انطبق عليه وضع الموت لإتحاده بجسد بشري ذاق به الموت.
فعندما مات السيد المسيح على الصليب فإنه مات بالجسد، أما روحه الإنساني فبقى حيا، وكلاهما متحد باللاهوت: "مماتا في الجسد ولكن محييا في الروح الذي فيه أيضا، ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (رسالة بطرس الأولى 18:03).
وبهذه الصورة نفهم أن الكلمة المتجسد من الممكن أن يموت بحسب الجسد، ولا يموت بحسب الروح الإنساني، وبالطبع أيضا لا يموت بحسب الطبيعة الإلهية، لأن لا الروح الإنساني يموت، ولا اللاهوت يموت. † "تعرفون ألحق والحق يحرركم" † † "تعرفون ألحق والحق يحرركم" † |