الإنجيل لو 6: 31-36 (لوقا 2)
قالَ الرَّبُّ:
كما تُرِيدُونَ أنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بكم، كذلك افْعَلُوا أنتُم بهم. فإنَّكُم إنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذينَ يُحبُّونَكُم فَأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأةَ أيضًا يُحِبُّون الَّذين يُحِبُّونَهُم. وإذا أَحْسَنْتُم إلى الَّذين يُحْسِنُونَ إليكم فَأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأَةَ أيضًا هكذا يَصْنَعُون. وإنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذينَ تَرْجُونَ أنْ تَسْتَوفُوا منهم فأَيَّةُ مِنَّةٍ لكم، فإنَّ الخَطَأَةَ أيضًا يُقْرِضُونَ الخطأةَ لكي يستَوْفُوا مِنْهُمُ المِثْلَ. ولكِن، أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُم وأَحْسِنُوا وأَقْرِضُوا غَيْرَ مُؤَمِّلِينَ شيئًا، فيكونَ أَجْرُكُم كثيرًا وتكونُوا بَنِي العَلِيّ. فإنَّهُ مُنْعِمٌ على غيرِ الشَّاكِرِينَ والأشرار. فكونُوا رُحَمَاءَ كما أنَّ أباكُم هو رَحِيمٌ.
في الإنجيل
تُظْهِرُ لنا قراءةُ اليوم الهدفَ الإلهيّ المُطْلَق،
مُتَجَسِّدًا في كلامِ الرَّبِّ وفي سلوكه بيننا ومعنا، لكي يَنْطَبِعَ فينا ويصير، بالتالي، هدفنا. إنَّ حدودَ محبَّتنا الَّتي عليها نحن البشر، هي المحبّة المُتَبَادَلَة، عندما نُحِبُّ - وقد نُحِبُّ بصدق - ننتظِرُ أنْ يبادِلَنَا الآخَر هذه المحبّة، بطريقةٍ تُعْطِي لنا الطُمَأْنِينَة بأَنَّ محبَّتَنَا فاعِلَة حقًّا.
قد يظنُّ البعض منّا إنَّنَا على تعليم المسيح نَسْلُك، وأَنَّها المحبَّة الحُسْنَى. طبعًا، نشكر الله عليها.
لكن، المحبّة الّتي تأتي من فوق، محبّة الله،
ليست بموازة محبَّتنا، وليست بقدرها "لأنّ اللهَ هكذا أحبَّ العالمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوحيد...".
لن أقول أنَّنا كلّنا تحت الخطيئة، وبالكاد يموت الإنسان من أجل البّار،
فكيف، بالحَرِيِّ، إذا كان خاطئًا، كما يقول الرّسول بولس؟!... المشكلة أكبر من هذا، عندما أتانا الرَّبُّ متنازِلًا، متأنِّسًا، متألِّمًا، ومصلوبًا، ماذا فعلنا؟!... هل ترجَّيْنَاه أو طلبناه؟!... هل استغفرناه أو استدعيناه؟!...
لم نفعل شيئًا من هذه الأعمال، بل أبعدناه وطردناه، كَفَرنَا به، صلبناه، أَمَتْنَاهُ، وما زِلْنَا.
محبَّةُ الله الَّتي من فوق ليست بالمستوى نفسه، هي أكبر من أن نستعمل كلمة أعظم فيها، ولكن هكذا هي.
المحبَّة المتبادَلَة لم تكن هي المحبّة المطلوبَة فقط.
المحبَّة الأعظَم، الّتي بدأها الله معنا، لا تتوقّف على القريب، أو النّسيب، أو الجار، أو الزّميل، انّما تتعداه إلى الّذي أَذَلَّنَا وأَغْضَبَنَا، ضَرَبَنَا واضطهَدَنَا، شرَّدَنَا وخطَفَنَا... هذه هي محبّة المسيح.
محبَّةُ المسيح هي أن تفعلَ أنت، أوَّلًا، للآخَر ما تريدُه وتتمنَّاه لنفسِك، دون مقابل، دون انتظارِ من سيبدأ بالمبادرة.
بادِرْ أنتَ أوَّلًا، فتكون إلهيًّا، لأنَّ اللهَ هكذا ارتضى: "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سُرِرْت". رضيَ الله وسُرَّ أن يحبَّنَا ويخلِّصَنَا من دون أن ينتظر ردَّنا أو موافقتَنَا على فِعْلِ حبِّهِ الأعظَم.
+افرام كرياكس
مطران طرابلس و الكورة و توابهما
_
|