تدريبات علي الهدوء
بقلم: البابا شنودة الثالث
إذا أردت ان تدرب نفسك علي الهدوء
ـ وبخاصة هدوء القلب وهدوء الأعصاب وهدوء الحياة ـ
فعليك بالنصائح الآتية:
1ـ لاتسمح لأي شيء أن يثيرك، بل تقبل كافة الأمور بنفس هادئة، لا تنفعل كثيرا
بالاسباب الخارجية مهما كانت تبدو متعبة، ولا تقلق وتضطرب وان انفعلت، حاول ان تضع هدوءا لانفعالك، وان تهدئ نفسك ولاتتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث، فهذا التخيل سوف يزعجك
وقل لنفسك: ان كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول فكر اذن في الحلول، حينئذ يدخل الهدوء الي قلبك.
وان عجزت عن ايجاد حل، استشر غيرك
وان عجز الغير ايضا فاعط المشاكل مدي زمنيا تحل فيه واطلب معونة الله وتدخله وستره.
2ـ كن دائما قوي القلب قوي الايمان، واسع الصدر في مقابلة المتاعب، بحيث لا تتضايق بسرعة، واعلم ان الضيقة قد سميت هكذا، لان القلب قد ضاق عن ان يتسع لها، اما القلب الواسع فانه لايتضيق بشيءو ان قطعة من الطين اذا القيت في كوب من الماء فانها تعكره، اما اذا ما القيت في المحيط فانها لاتعكره، بل يفرشها في أعماقه ويقدم لك ماء رائعا..
3ـ مما يفيدك في حياتك، ان تكون لك روح المرح والبشاشة.
فإنها تجلب للانسان هدوءا في النفس، واسترخاء في الاعصاب، وتبعد عنه الكآبة والاضطراب، ومهما كان الجو مكهربا وصاخبا، فإن الانسان المرح، يستطيع بفكاهة لطيفة ان يزيل جو التوتر..
وعموما فإن المتصفين بالمرح، تكون أعصابهم هادئة، بل انهم بالأكثر يمكنهم ان يهدئوا غيرهم أيضا. كما ان الوجوه البشوشة تشيع الهدوء في الاخرين. لهذا درب نفسك علي البشاشة والمرح، وتقبل كثيرا من الأمور بهذه الروح.
4ـ كذلك ان أردت ان تكتسب الهدوء، يمكنك ذلك بمعاشرة الاشخاص الهادئين، بعكس الذي يختلط دائما بالمضطربين والثائرين، فانهم ينقلون اليه عدوي مشاعرهم، فالخائفون ينقلون اليه خوفهم، والمتشائمون ينقلون اليه تشاؤمهم، وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون الي غيرهم الشكوك والضيقات، أما معاشرة الهادئين فانها تمنح الثقة والطمأنينة والسلام.
إن معاشرة الهادئين هي من أفضل أنواع المهدئات.
5ـ كذلك درب نفسك علي عدم الاندفاع وعدم التسرع، واعرف ان قلة الصبر تدل علي عدم هدوء الانسان في الداخل، فالانسان الهادئ يكون دائما طويل البال، فان اضطرب يفقد القدرة علي الصبر، ولايستطيع ان ينتظر حتي تحل الأمور، إنما يريد ان يعمل الان أي عمل أو يتكلم أي كلام أو يتخذ أي قرار!! وفي ذلك ما يضره.
6ـ مادمت لم تصل بعد الي فضيلة الهدوء، ابعد اذن بقدر امكانك عن أسباب الاثارة وكل مصادرها، ابحث ما هي الأسباب التي تجعلك تفقد هدوءك، سواء كانت منك أو من الخارج، وتحاشي هذه الاسباب وبخاصة في المعاملات، وكما قال أحد الحكماء لا تأخذ وتعطي مع انسان يقاتلك به العدو وابعد عن المناقشات الحادة، ولا تستصحب غضوبا، وابعد ايضا عن القراءات التي تفقدك الهدوء، وعن سماع الأخبار التي تزعجك.
7ـ وفي معاملاتك مع الاخرين لاتفترض المثالية في جميع الناس، فان قوبلت بتصرف خاطئ من البعض لاتتضايق. فالناس هكذا فيهم الطيب والردئ، ولا تتوقع انك ستتعامل مع ملائكة أو قديسين، إنما مع بشر عاديين، لا نسمح لأخطائهم من نحونا ان تقلقنا..!
8ـ ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه، ولا تواجه العنف بالعنف، فليس هذا هو اسلوب الروحيين، فالانسان الروحي لايغلبنه الشر، بل يغلب الشر بالخير. وإذا تملكتك الحيرة في التصرف، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته، فإنك بهذا تضيف الي فكرك فكرا أكثر خبرة، وتتعلم الحياة عمليا..
9ـ لا تلجأ الي العقاقير لكي تحصل علي الهدوء، وأعلم ان استخدام المسكنات والمهدئات والمنومات لها ردود فعلها واحذر من ان تتعودها.
انها كلها تتيهك عن نفسك، دون ان تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك.
إنما اعمل علي حل إشكالاتك داخل نفسك، وبحلول عملية وطرق روحية.
10ـ كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب، ولا تظن انك في انطوائك علي نفسك قد صرت هادئا! كلا، فهذا مرض اخر وليس هدوءا، فان كانت لك مشكلة في بيتك، لا تظن ان حل المشكلة هو في هروبك الي النادي أو المقهي أو احدي السهرات، بينما تظل المشكلة قائمة كما هي، لاتصلح الا بمواجهتها، ومعرفة أسبابها وحلها عمليا.
11ـ تعود الهدوء في دخولك وخروجك، وفي طريقة كلامك بحيث تكون الفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحة، وقبل ان تلفظ كلمة فكر في نتائجها وفي تأثيرها علي غيرك.
وإذا كتبت خطابا غير هاديء، فلا ترسله بسرعة، بل اتركه يوما أو يومين، وأعد قراءته، وغير ما يلزم تغييره فيه، وكل فكر يلح عليك، لاتسرع في تنفيذه ولا تطاوعه، بل انتظـر حتي تفحصه في هدوء..
12ـ اخيراً، انصحك بأن تعطي جسدك ما يحتاجه من الراحة ولا ترهقه، فإن الانسان في حالة الارهاق، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال، وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد. لذلك لاتدخل في مناقشة حادة وانت مرهق، ولا تأخذ قرارا مصيريا وانت مرهق