المسيح مولود وليس مخلوق:
***********
إن الآب لم يخلق الابن، لأننا نعرف أن الابن هو كلمة الله، ويمكن أن نأخذ تشبيها سهلا:
مثل العقل والفكر. فالعقل يلد الفكر، ولا يوجد عقل بدون فكر.
والعقل بدون فكر لا يكون عقلا. والنور يلد الشعاع،
فهل النور يتزوج لكي يلد الحرارة! بالطبع لا. ...
إذن فولادة العقل من الفكر هي ولادة طبيعية، وكذلك ولادة النور من النور هي ولادة طبيعية.
ولكن هل لأن العقل هو الذي يلد الفكر فمعناه أن العقل كان يوجد من قبل الفكر؟
فالإجابة لا. لأن العقل بدون فكر لا يكون عقلا.
فالعقل والفكر شيء واحد، لا يمكن فصلهما
لأنه كيف يمكن فصل العقل عن الفكر الموجود داخله!
لأنه لو تم فصل العقل من الفكر: فالعقل لا يكون عقلا.
وكذلك لو تم فصل كلمة الله عن الله، فالله يفقد ألوهيته.
وإذا كان العقل لا يوجد له بداية فالفكر أيضا لا يوجد له بداية.
إذا كان الآب أزليا فالابن أيضا أزلي والآب وكلمته واحد لا يمكن فصلهما لذلك قال:
" أنا والآب واحد " وليس فقط الآب والكلمة واحدا، ولكن الآب والكلمة والروح القدس لذلك نقول
"بإسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين".
نحن نؤمن أن الله واحد. لأنه لا يوجد أكثر من إله في الوجود.
لكن الله الآب ليس من الممكن أن يكون هو الله إلا
إذا كان هو أبو الكلمة فلا يوجد أب بدون ابن.
مثل الينبوع والتيار فالينبوع يلد التيار. الينبوع والد التيار المولود.
لكن لا يوجد ينبوع بدون تيار ولا تيار بدون ينبوع، لأنه كيف أتى الماء.
فلا بد أن يكون الينبوع له تيار والتيار له ينبوع لذلك قال
"تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم أبارا أبارا مشققة لا تضبط ماء"
(أر 2 : 13)
والسيد المسيح قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14 : 6).
فالماء الحي الخارج من الآب هو الابن. لأن الابن قال أنا هو الحياة.
فالآب هو الوالد، والابن هو المولود لكن بدون زواج.
إن الولادة من الآب السماوي شيء، والولادة من العذراء شيء آخر.
فهو مولود من الآب قبل كل الدهور وقبل خلق العالم كله ولادة إلهية روحية بدون أم.
عندما أراد الله أن يخلصنا أرسل ابنه مولودا من امرأة مولودا تحت الناموس
ليفتدى الذين هم تحت الناموس من لعنة الخطية كما قال الكتاب.
ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولودا
تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبني (غل 4 : 4 ، 5)
وأيضا يقول الكتاب: "الكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا
كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا" (يو 1 : 14).
إنه كلمة الله الأزلي الذي هو كائن في حضن الآب كل حين وكما يقول
"الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يو 1 : 18).
فعندما تجسد الكلمة رأينا الله. لذلك يقول "الذي رآني فقد رأى الآب"
(يو 14 : 9).
|