"أنا هو الطّريق والحقّ والحياة"
(يو 14: 6)
ليس للباطل موطئ أبديّ في حياة الإنسان.
هو عابِرٌ، فَانٍ...
كان للباطل أن يدوم إلى الأبد لولا مجيء الحقّ إلى عالم الباطل.
صار العالم في الباطل لمّا ترك الحقّ، لمّا ترك آدم الوصيَّة الإلهيّة...
خلق الله العالم، وسلّط الإنسان عليه.
لمّا فَسُدَ الإنسان بالخديعة، بالشّك في محبّة الله،
أبيه وخالقه، صارت الخليقة كلّها في العقم والإنقسام والضّلال.
صار الحقّ رهينة أنانيّة الإنسان. لذلك، قتل قايين هابيل
كنتيجة حتميّة لاستملاك الأنا عليه، في غياب الآخَر (أي الله) من كيانه.
في الحقيقة، ما كان طَرْدُ الله آدم وحوّاء من الفردوس
سوى انعكاس لطَرَدَ الإنسان لله من حياته لمّا خانه.
الله لم يطرد الإنسان من قرباه، على العكس،
الإنسان هو من طرد الله من حياته.
لكن... الله، الّذي هو التّواضع، قَبِلَ ولم يستسلِم،
ولم يتخلَّى عن محبوبه، آدم الأوّل، بل وَعَدَهُ بأنّه سيأتي إليه،
من جديد، إلى أرض غربته عن الله، ليستعيده في آدَم آخَر،
هو بالحقيقة النموذج الأوّل (archétype) لآدم الأوّل،
الّذي فشل، هذا الأخير، في مماثلته، أي في النموّ إليه بطاعة الوصيّة
ترجمة لحبّه للخالق.
لذا، أتى آدم الثّاني، ليستردّ آدم الأوّل، ليعيده إلى ماهيّته الأصليّة،
إلى حقيقته الأزليّة بأنّه ابن الله...
أن تكون ابن الله يعني أن تشبه يسوع المسيح.
لا تشبهه إن لم تتشبّه به. هو أتانا في مذود حقير.
أتانا من ضعف البَشَرَة. شابهنا في ذلّنا، مع أنّه لم يعرف خطيئة.
صار خطيئة لأجلنا، لكي نصير فيه بِرّ الله (راجع: 2 كو 5: 21).
البِرّ هو العدل في روح كلمة الله. وكلمة الله صار جسدًا
والعالم لم يعرفه، لأنّه كان يحبّ الظّلمة أكثر من النّور
(أنظر: يو 1).
علامات الظّلمة إغلاق القلب عن المساكين، والمظلومين،
والمتألّمين، وتبرير الباطل بداعي الرّحمة، والصّبر على الظّالم بداعي الحكمة،
في حين أنّ يسوع مُحتَقَرٌ مرذول منسيّ ومنبوذ في أخصّائه الّذين يدعوهم "إخوته الصّغار".
النّور يأتي فلا مكان للظّلمة فيما بعد،
الحقّ يشرق على العالم فلا مطرح للظُّلم... "قوّتي في الضَّعف تُكْمَلْ..." (2 كو 12: 9).
|