وفيما هو خارجٌ إلى الطريق، ركض واحدٌ وجثا له وسأله:
أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟
( مر 10: 17 )
في هذه الحادثة التي وردت في الأناجيل الثلاثة:
متى ومرقس ولوقا، نرى أنه مهما كانت الثروة الأرضية والمزايا الطبيعية
حسنة في مكانها الصحيح، إلا أنها ليست فقط غير قادرة على أن تعطي
صاحبها حق دخول ملكوت الله
ولكنها أيضًا تقف حائلاً حقيقيًا دون الحصول على البركة.
فالطبيعة في أحسن حالاتها لا تدرك حاجتها للمسيح
وليس عندها تقدير صحيح لمجد شخصه الكريم.
لقد كانت في هذا الشاب صفات كثيرة ممتازة:
لقد كان مملوءًا بحماس الشباب لأنه جاء راكضًا.
وكان مستعدًا لأن يعترف بسمو المسيح لأنه بكل خشوع «جثا له».
وكان راغبًا في أن يعمل الصلاح
لأنه قال: «ماذا أعمل؟».
شكله الخارجي يدل على أن صفاته ممتازة
ولقد حفظ الناموس ظاهريًا. لقد كان هناك الكثير من الجمال في صفاته
(التي هي من ثمار خليقة الله الجيدة)
وكانت هذه موضع تقدير من الرب، ولذلك نقرأ
«فنظر إليه يسوع وأحبه».
ومع ذلك فكل هذه الصفات الطبيعية المتميزة لم توجِد عنده تقديرًا حقيقيًا لشخص الرب ولمجده.
كما لم تُوجِد شعورًا حقيقيًا بحالته وحاجة قلبه.
لقد كان يستطيع أن يدرك تميز المسيح كإنسان
ولكنه لم يستطع أن يدرك مجد شخصه كابن الله.
وفي إجابة الرب له يتمشى معه من نفس أرضية سؤاله له
إنه لا يقر أن الإنسان صالح:
«ليس أحدٌ صالحًا إلا واحدٌ وهو الله».
لقد كان المسيح صالحًا بحق، وذلك لأنه هو الله.
وإذ لم يكن لهذا الشاب شعور بحاجته، لذلك لم يكن سؤاله:
”ماذا ينبغي أن أعمل لأخلُص؟“
ولكن «ماذا أعمل لأرِث الحياة الأبدية؟».
فوضعه الطبيعي الممتاز أعماه عن حقيقة أنه خاطئ هالك في حاجة إلى خلاص
بالرغم من كل ما يتمتع به من صفات ممتازة.
ويكشف الرب الستار عن حقيقة حالته بهذا الطلب:
«اذهب بِع كل مالك ... وتعال اتبعني حاملاً الصليب».
ولقد أظهر هذا الطلب حقيقة قلبه وأنه يفضِّل المال عن المسيح
وهكذا نقرأ
«فاغتم على القول ومضى حزينًا».
هذا يبيِّن ما في قلب الإنسان الطبيعي من جهة الله
فالصفات الممتازة
ليست دليلاً على حالة القلب الروحية الداخلية.
منقول