(للبابا القديس يوحنا بولس الثاني)
صلّوها باستمرار:
«يا أم الناس والشعوب،
أنتِ يا من تعرفين كلّ آلامهم وآمالهم،
أنتِ يا من تشعرين بصورة أموميّة بكل الصراعات بين الخير والشرّ،
بين النور والظلمات التي تهزّ العالم المعاصر،
تقبّلي النداء الذي نوجّهه مباشرةً إلى قلبك، مدفوعين بالروح القدس،
وضمي أنتِ يا أم الرب وخادمته، عالمنا الإنساني،
الذي نقدّمه ونكّرسه لك،
ونحن في قلق شديد على مصير الناس والشعوب الزمني والأبدي.
نقدّم لك ونكّرس بصورة خاصّة الناس والأمم الذين بحاجة خاصّة إلى هذا التقديم والتكريس.
«فإلى حماية رحمتكِ نلتجئ، يا أمّ الله القديسة.
لا تردّي صلواتنا ونحن في قلب المحنة».
«أمامك، يا أمّ المسيح، أمام قلبك البريء من الدنس،
نريد اليوم مع الكنيسة جمعاء أن نتَّحد بالتكريس
الذي كرَّس به ابنُكِ نفسَهُ لأبيه، حُبّاً لنا:
«أنا أقدّس ذاتي من أجلهم، ليكونوا هم أيضاً مقدّسين في الحقّ»
(يو 17/19).
نريد أن نتّحد بفادينا بواسطة هذا التكريس من أجل العالم والناس،
الذي هو في قلب الله ذو سلطان أن يمنحنا الغفران ويمُدّنا بالتعويض.
إن قوّة هذا التكريس تدوم في كل الأزمان،
وتضمّ كلّ الناس والشعوب والأمم،
وتتخطّى كل سرّ يمكن لروح الظلمات أن يوقظه في قلب الإنسان وفي تاريخه،
وقد أيقظه بالفعل في عصرنا.
فكم نشعر في العمق بحاجة إلى تكريس من أجل الإنسانية ومن أجل العالم،
ومن أجل عالمنا المعاصر، بالاتحاد مع المسيح نفسه!
ينبغي بالفعل أن يشترك العالم بواسطة الكنيسة في عمل الفادي.
وهذا ما تظهره سنة الفداء هذه، يوبيل الكنيسة كلّها غير العاديّ.
في هذه السنة المقدَّسة،
كوني مباركة فوق كل خليقة، أنتِ يا خادمة الربّ،
يا من أطعتِ بالنوع الأكمل لفدائه الإلهيّ!
السلام عليك،
أنتِ يا من اتحدتِ اتحاداً كلياً بالتكريس الفادي الذي قام به ابنكِ!
يا أمّ الكنيسة!
علّمي شعب الله دروب الإيمان والرجاء والمحبّة!
نوّري بنوع خاصّ الشعوب الذين تنتظرين منّا أن نكرّسهم ونقدّمهم!
ساعدينا لنحيا في حقيقة تكريس المسيح من أجل كل العائلة البشرية في العالم المعاصر!
أيتها الأم!،
أننا فيما نكل إليكِ العالم وجميع الناس،
نكل إليكِ أيضاً تكريس العالم نفسه،، ونضعه في قلبك الأمومي.
أيها القلب البريء من الدنس! ساعدنا لنغلب تهديدات الشرّ
الذي يتأصَّل اليوم بسهولة في قلوب النـاس،
ويُلقي بثقله على الحياة الحاضرة بنتائجه التي لا يمكن حصرها،
حتى لَيكادُ يقطع السبيل صوب المستقبل!
من الجوع ومن الحرب، نجيّنا!
من الحرب الذرّية، من تدمير أنفسنا بأنفسنا وبغير حساب،
ومن كل أنواع الحروب، نجيّنا!
من الخطايا ضدّ حياة الإنسان منذ لحظات وجوده الأولى، نجيّنا!
من البغض والحطّ من كرامة أبناء الله، نجيّنا!
من كل أنواع الظلم في الحياة الاجتماعية والوطنية والدولية، نجيّنا!
من السهولة التي بها تُداس وصايا الله، نجيّنا!
من محاولة إطفاء حقيقة الله نفسها في قلوب البشر، نجيّنا!
من فقدان الضمير المميّز بين الخير والشرّ، نجيّنا!.
من الخطايا ضدّ الروح القدس، نجيّنا! نجيّنا!
يا أمّ المسيح،
أنصتي إلى هذا الصراخ المثقّل بآلام جميع الناس!
المثقل بآلام المجتمعات كافة!
ساعدينا بقوّة الروح القدس، لنغلب كلّ خطيئة:
خطيئة الإنسان، و«خطيئة العالم»، والخطيئة في كلّ أشكالها!
ولتظهر مرَّة أخرى في تاريخ العالم قدرة الفداء الخلاصية اللامتناهية،
وقدرة الحب الرحوم! وليُوقفِ الشرَّ! وليحوّل الضمائر!
ولينجلِ في قلبكِ البريء من الدنس نور الرجاء للجميع !».