يوم الجمعة العظيم
يستقبل المسيحيين هذا اليوم بصوم أكبر وبطالة عن العمل ,
فهو يوم ذبيحة حمل الله الحقيقي الرافع خطيئة العالم .
وهو اليوم الوحيد في السنة الطقسية كلها لا يقام فيه القداس الإلهي
في الكنيسة الأرثوذكسية لأن الذبيحة موضوعة أمامنا على الصليب ,
فليس بالإمكان أن يقيم الكاهن ذبيحة أخرى في الوقت عينه .
لذا لا يقام إطلاقًا قداس إلهي في هذا اليوم .
تستقبل الكنيسة هذا اليوم بكثير من الخشوع والتقوى
يلتهب فيها الرجاء بالمخلص المذبوح على الصليب والقائم من بين الأموات .
أما الخدمة الطقسية لهذا اليوم فهي قديمة جدًا تعود نواتها الأولى
إلى العصور المسيحية الأولى إلى صلوات أورشليم والتي حوت ثلاثة عناصر :
الأول يتألف من تراتيل , قراءات وزياح ليلي من جبل الزيتون
وحتى إلى الكنيسة حيث يوجد قبر المسيح ,
الثاني : يتضمن السجود لبقايا الصليب الكريم ,
الثالث : يتضمن الصلوات والقرءات في مكان الصلب نفسه.
هذه النواة الليتورجية الأورشليمية وبتأثير الترتيب الطقسي البيزنطي
أدت في القرن التاسع إلى تكوين ما نعرف اليوم بخدمة آلام المسيح .
خدمة الساعات الملوكية تتلى في صبيحة يوم الجمعة العظيم وتتميز بالمعاني اللاهوتية للآلام .
إذ كانت تُعرف " بالساعات الملوكية " فليس لأن الإمبراطور كان يشارك فيها
أو يقوم بقراءة المزامير بل لأن " الملك المسيح " نفسه قد طبع بمراحل آلامه هذه الأوقات
أو المحطات من الصلاة الطقسية .
المزامير تأخذنا مباشرة إلى ما ذاقه المخلص من أوجاع "
إلهي إلهي لماذا تركتني " والنبوءات تطّل مباشرة على سر الفداء
" وزنُوا أجرتي ثلاثين من الفضة " ( زخريا النبي )
أو " كنت كخروف بريء من الشر يُساق إلى الذبح " ( إرميا النبي ) .
حتى نبلغ مع أشعياء " لا صورة له ولا بهاء فننظر إليه ولا منظر فتشتهيه .....
إنه قد أخذ عاهاتنا وحَمَلَ آثامنا .....
كشاة سِيْقَ إلى الذبح وكحَمَل صامتٍ أمام الذين يحزونه ولم يفتح فاه " .
وفي صلاة الغروب بنهاية الساعات الملوكية
تتم الإبيتافيون يتقدمها الإنجيل محمولاً باليد
( لأن المدفون هو الكلمة )
حتى وسط الكنيسة حيث يسجّى الإبيتافيون ثم يتقدم منه المؤمنون ويتباركون .
" عندما أحدرك الرامي عن الصليب ساعتها خرج آدم ممجدًا وصارخًا بفرح :
المجد لتنازلك يا محب البشر " .
خدمة الجناز هي خدمة صلاة السحر للسبت العظيم .
ننشد للمسيح المدفون ونحن في ذهول وفي انتظار القيامة
" يا يسوع الحياة في قبر وضعت والجنود السماوية انذهلت كلها ومجدت تنازلك " .
ونتوغل في تمجيد مخلصنا ونشرف عل السبت العظيم
" الذي فيه استراح ابن الله الوحيد من كل أعماله لما سَبَتَ بالجسد
بواسطة سر التدبير الصائر بالموت " .
الله يمنح الخلاص للجميع والكل يقتبله على طريقته , على هواه ,
وهذا ظاهر عند الصليب في الجلجلة في مثال اللصين .
الاثنان مصلوبان عن يمين الله ويساره أما حياتهما فتتقّرر
تبعًا لموقف كل منهما من الصليب الوسطاني :
الرفض أو القبول .
" اللص ( الحكيم ) فتح أبواب الفردوس المغلقة بإدخاله المفتاح
" اذكرني يا رب متى أتيتَ في ملكوتك"