تعاليم فصحية القديس ثيوذوروس الستوديتي نقلها إلى العربية الأب إفرام كرياكوس جزء 4 الجهاد الروحي المستمرّ بعد الصوم الأربعيني
لذلك نحتاج إلى انتباه وقياس في النوم وفي الطعام والشراب
وفي كل شيء آخر حتى نلجم الجسد ولا نسقط – مثل الحمار الوحشي الذي فلت من قيده – في عمق الخطيئة. إن سقطنا وقتاً ما من جراء عدم انتباهنا فلنتطلّع للحال إلى يسوع المصلوب وربّ المجد، للحال تشفى نفوسنا.
هذا لأن الإسرائيليين وقتاً ما عندما كانت الحيات السامة تلدعهم كانوا يتطلعون إلى الحية النحاسية ويشفون. ألا تعلمون أنّ الأفكار الشريرة تلدع كالحيات ساكبة سماً داخل النفس وعلينا أن نقذفه خارجاً حتى لا نتعرّض لخطر الموت. ألا تعلمون من جهة ثانية أن الربيع يولّد في النفس دماً وشهوةً في الإنسان "لأن الجسد يشتهي ضدّ الروح والروح ضدّ الجسد" (غلا 5: 17).
وكل تقوية للجهة الأولى يولّد أضعافاً للجهة الأخرى. لذلك فلنحرص حتى لا يقوى الجسد على الروح. إن المسابق الذي يركض لا يغلب إن كان قد قطع حاجزاً أو اثنين بل إن كان قد قطع رابحاً الشوط كلّه. ونحن أيضاً لا يكفي أن نجاهد فقط خلال الصوم الأربعيني لأنه إن لم نقطع حياتنا كلّها في الجهاد الروحي لن نهرب من مكائد الشيطان ولن نحصل على جائزة الغلبة. لذلك أيها الأخوة لنتابع الجهاد الحسن ولنعرق من أجل الفضيلة ونقسُ على جسدنا ونلجمه لكي نقضي على أهوائنا: "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع" (2 كور 4: 10).
الفصح الأبدي إذا انتهى الفصح لا ينتهي ذكرُه بل ليكن أمامنا دائماً آلام ربنا الخلاصية،
الدفن والقيامة حتى بذكرنا المتواصل لها نبقى غير مستعبدين من الأهواء. ومن جهة أخرى حياتنا كلّها تنظر إلى الفصح الأبدي لأنّه، وإن كان الفصح الحاضر عظيماً وجديراً بالوقار، كما يقول الآباء القديسون، يبقى رسماً لذلك الفصح الفصح الأبدي.
الحاضر هو اليوم وهو يمضي أما ذلك فهو أبدي. "حين ينتفي كل وجع وحزن وتنهّد". هناك فرح وابتهاج، تهلّل أبدي. هناك لحن المعيّدين ورقص المحتفلين ورؤية النور الأزلي. هناك مائدة المسيح المغبوطة مع غزارة الخيرات الأبدية. كل ذلك كان ينتظره القديسون محتملين الشدائد كمسرّات، الضيقات كتعزيات، الاستشهادات كتنعّم، النسك كتمتّع، الموت بمثابة الحياة. ونحن إذاً لنتطلع إلى الفصح الأبدي، لنصبر، أرجوكم أيها الأخوة، على الآلام الحاضرة بشجاعة، والسيد المحسن إلهنا لنخدمه حتى النهاية. وهو يؤهلنا أن نتمتع بذلك الفصح الأبدي السماوي الذي نرجو أن تتمتعوا به كلكم بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبته للبشر، الذي كابد الصلب والدفن وقام، الذي يليق له المجد العزة مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين. آمين.
|