اتحاد الكنائس
الحاجة الى اتصال وتقارب روحي
من المؤكد أن القول بإمكانية وجود مسيح واحد وكنائس متعددة أمر شاذ و غير طبيعي .
غير ان الواقع هو ان المؤمنين بالمسيح اليوم المشتركين في رجاء واحد
بشأن الحياة الحاضرة والمستقبلة ليسوا جسم واحد, اعني ليسوا كنيسة واحدة ,
لكنهم يؤلفون كنائس عديدة ,مختلفة و متخالفة .
وليس من شك في خطأ الرأي القائل بان جميع الكنائس مذنبة ,
وان جميعها سقطت في الضلال ,
احداها سقطت في ضلال كبير وأخرى في ضلال اقل ,
وان كلا منها تحتوي على جزء من الحقيقة في المسيح.
فان الكنيسة الأرثوذكسية تملك تعليم وتقليد الكنيسة القديمة الواحدة
غير منقسمة كاملين دون أدنى تغير .
وتؤمن وتدافع عن ايمانها بأنها هي بالذات الكنيسة الرسولية
غير المنقسمة فهي لم تغير شيئا مما تسلمته
واذا اظهر البحث الصادق الامين انها غيرت شيئا فلن تتردد في إصلاحه .
والواقع ان كنيستنا لم تضل في شيء .
ولكن يحتمل انها اخطأت في امر واحد هو انها لم تفعل كل ما في وسعها
لتتدارك الانشقاق أو لتحول دون استمراره إلا انه من دواعي السرور
والغبطة هو ما يبذل من المحاولات في ايامنا هذه لاحداث تقارب واتحاد بين الكنائس,
وتقوم الحركة المسكونية المعاصرة بجهود ومجهود كبيرين في هذا المضمار .
وخاصة بعد ان انضمت الكنيسة اللاتينية الى هذه الحركة المسكونية .
اما الكنيسة الأرثوذكسية فمشتركة فيها منذ نشأتها
وقد اعترف الكل ومنهم الكاثوليك بما تقدمه الكنيسة الارثوذكسية
من مساهمة ثمينة في سبيل المساعي المبذولة
في سبيل التقارب الكنائس واتحادها .
على اننا نسأل ماذا عملنا نحن الارثوذكس والكنيسة اللاتينية
في سبيل تقارب الكنستين ، الواقع أننا لم نعمل شيئا جديا جديرا
بهذه المسألة الشريفة مسألة التقارب والتعاون والاتحاد النهائي
بين الكنيستين الشقيقتين القديمتين.
ولا يفرق بيننا وبين الكاثوليك حوائل لا يمكن تذليلها سواء
من ناحية العقيدة او من ناحية نظام الكنيسة ماعدا مسألة رئاسة البابا
والنزعة المطلقة في سيادة الكنيسة الغربية.
اما الاختلافات في التعليم والنظام , ماعدا اولية البابا ,
فيمكن ان تزال بطريق مناقشة صريحة وموضوعية وبمحبة الاخوة الاشقاء .
وفي هذا الاسبوع (اسبوع الوحدة ) من كل العام نتذكر
بألم عميق ما حدث منذ اكثر من الف عاما من انشقاق محزن بين الكنيستين العظيمتين .
لقد كتب وسيكتب أيضا في هذا الأسبوع الكثير حول هذا الانشقاق .
وجميع الذين كتبوا اجمعوا على انه يجب ان يبذل من جديد ما يؤدي
الى زوال الانشقاق وليس من الضروري ان نحك جراح الماضي وآلامه ,
ولا ان ننبه بالحاح وتعصب مبني على وهم سابق الى بعض الفرو قات
ونضخمها في حين انها ليست كذلك .
لقد أصاب كنيستنا في الشرق والمؤمنين فيها, الكثير ,
من الغرب وبخاصة الحملات الصليبية التي كانت تقوم بها رهبانتها
حتى أوائل القرن العشرين فتركت في نفوس هذه المنطقة بأسرها آثارا سيئة .
غير انها اصبحت من حساب الماضي انفسهم ولم يعد الغرب اليوم يحبذونها .
وعلى هذا نقيض أظهرت الكنيسة الكاثوليكية اليوم تحولا في سياستها
وهي تنشد الاتصال بكنيسة الارثوذكسية والتقرب اليها عن محبة وعطف وفهم.