يا أمّي السماويّة، الوقت يمرّ، وما هي إلاّ دقائق قليلة حتّى يأتي يسوع ليمكث في قلبي الوضيع.
يا أمّي، يا أحنّ أمّ، خذي ابنك الصغير في أحضانك، وهزّي له برقّة، واحمليه إلى يسوع. مرّري يديك المقدّستين على كلّ كياني. واجعلي أفكاري تغفو، وكذلك عواطفي وأشواقي وكلّ ما لا يتناسب وإرادة الرب. إلمسي جبيني بأناملك الإلهيّة واجعليني أفهم من هو يسوع وأقدّر هبته القيّمة التي منحني إيّاها، عندما بذل نفسه كلّيًّا في سبيلي، فأتعرّفه ويزداد حبّي له.
يا أمّي الكليّة القداسة، إلمسي عينيّ وطهّريهما واجعليهما أهلاً لأن تنظرا إلى يسوع. إلمسي أذنيّ فتطهرا وادمغيهما بأناملك، فتصغيا إلى صوت يسوع، صوته وحده. إلمسي فمي، وطهّري شفتيّ ولساني؛ تشفّعي بي، فيصل صوتك إلى مسامعه ويملي عليّ إرادته.
يا أمّي، إلمسي يديّ، وطهّريهما، واضبطيهما لأضمّ يسوع وأغمره. إلمسي رجليّ فتطهرا ولا تسيران بعد اليوم إنّما تحلّقان عاليًا نحو يسوع.
يا أمّي، فيما أنت تغمرينني في أحضانك، أنظري إلى قلبي الوضيع. خذيه في يديك، وانفضي عنه الغبار الذي يلوّثه، ونقّي عواطفه. إجعلي أشواقي شديدة الجسارة فتتجرّأ وتلج قلب يسوعي.
يا أمّي، أسكبي كلّ حبّك على هذا القلب البارد، واملئيه بفضائلك، وباركيه لأجلي بيديك المقدّستين حتّى إذا ما جاء يسوع يجده غنيًّا بك، فلا يرفضه ولا يرذله.
يا أمّي، أرمقيني بنظرة أموميّة تلفّ كلّ كياني؛ وبعد أن تنقّيني، تلطّفي وقدّميني إلى يسوع. أنظري إليّ، يا أمّي. أوّد منك أن تحرّريني من بعض أنانيّتي. ألا ترين أنّني ما زلت بحاجة إليك لأقضي على هذه الأنانيّة؟ وحدك القادرة على ذلك. إسألي يسوع من أجلي، فهو لا يرفض لك طلبًا.
يا أمّي، إطبعي فيّ فكره فأفهم منطقه؛ وعيونه فأنظر إليه بعينيه؛
وأذنيه فأصغي إليه بأذنيه؛ وفمه فأتلقّاه بلسانه؛ ويديه فلا يفترق عنّي؛ ورجليه فأجده فيّ وأنا فيه أينما ذهبت؛ وقلبه فيجد لدى مجيئه نفسه فيّ وليس نفسي.
بذلك أختفي فيه، فلا يجد حبّي بل حبّه.
يا أمّي، إجعلي قلبي ضيفًا وضيعًا، مكرّسًا ومحوّلاً، فأصبح هيكلاً ومذبحًا وحياة دائمة بالحبّ والتضحية مع يسوع بذاته.
يا أمّي، أنا الآن مطمئنّ. خذيني بيديك إلى المذبح. وهلمّي معه إلى قلبي فننشد ثلاثتنا نشيد الشكر.
ويا أيّتها الملائكة والقدّيسين، تحلّقوا حولي وهلمّوا لمرافقتي لملاقاة يسوع.