لبنان والموارنة...قصة مارون
مجد لبنان أعطي لك!
- تساءل راهب من تلامذة مارون أي اتجاه يـأخذ ليبشّر بيسوع، فبدأ يبحث ويبحث فلم يعرف الجواب، فصعد الى صومعة مارون ليستشيره، فرأى مارون وبيده عصا، راسماً خريطة المنطقة جغرافياً ويشرح لبعض الملافنة معنى الرسالة في هذا الشرق. فانفرج محيّا الراهب الشاب لأن الربّ استجاب لدعائه وبدأ يستمع. قال مارون، ستأتي أيام صعبة عليكم، تقاسون القتل والهجرة والمضايقات والترهيب والترغيب وتساقون الى المحاكمات كما أعلمنا الرب في إنجيله، واليوم سأرسم لكم الاتجاه المناسب فيكون هناك مرقدكم ولا تتركون تلك الأرض لأن الربّ أبشرنا بواسطة روحه القدوس أنّه باركها وهو حاميها.
أمسك بعصاه رافعاً إياها الى السماء، وقال: الرب سيغدق على الأرض ماء، ومتى يهطل المطر اتبعوه، وحيث البرد والثلج هناك تنامون. تسكنون بين الذئاب، تلجأون إلى المغاور الصعبة الوصول، ويكون الصوم مأكلكم والصلاة مشربكم. لا بشر هناك، بل تدجّنون البريّة ومن فيها، وتملؤون الليل ترنيما والفجر بخورا، صلّوا الى ربكم وهو وكيل كل شيء. وعاد مارون إلى صلاته.
فجلس ذاك الراهب الشاب على صخرة واتكى على غصن شجرة وبدأ يفكرّ بما قاله مارون فلم يفهم شيئاً. وعاد يفكّر أي طريق يسلك ليبشّر، وكما سمع فهناك لا رفيق سوى الوحوش والمغاور.
فقرر أن يستشير من سبقه خبرة وصلاة، فمرّ بالأول والثاني والثالت فكان الجواب واحداً، ما سمعته نسمعه من أبينا مارون ونحن في عمرك ولا جواب.
اغتاظ وقرر أن يصعد إلى مارون ويعرف الجواب بنفسه، فدنا من مارون وسأله، يا معلّمي احترت بأمري ومعي جميع تلاميذك فلما لا تسمّي الأمور بأسمائها، ولما التبشير في منطقة لا ناس فيها فما دورنا إذاً.
عندها أمر مارون الراهب بإحضار جمع الرهبان فكانوا كرمل البحر لحاهم داست الأرض فباركتها. نظر إليهم مارون نظرة موقرة، وسأل بصوت جهور، يا كبار الرهبان وملافنتنا، إلى متى سأبقى معكم؟ حان وقت ذهابي الى دنيا الحق، وأنا أرسلكم إليها أحياء ولا زلتم تسألون؟
ADVERTISEMENT
ذهل الحضور واحتاروا بأمرهم، ما هي تلك الجنة التي يدخلونها أحياء، ومارون لن يدخلها معنا؟ فمسك عصاه من جديد ونظر بها إلى السماء، وبدأت يده تتهادى إلى سلسلة جبال فانهال المطر وتساقطت الثلوج وراوا ذئاب الليل تهرب خائفة فانشقّت الأرض وتصدّعت وجاءت ملائكة السماء بكثرة كل واحد منها حمل راهباً فأنزل كل واحد إلى مغارة وضربت الأرض بعصا مارون فعاث البخور في ذاك الوادي الكبير، فنظر الرهبان إلى هول ما حدث فخافوا خوفاً شديداً، عندها توقف كل شيء وسال الثلج واشرقت السماء واتضّح النهار فرأى الرهبان بعضهم وهم يطلّون رؤوسهم من مناسكهم كعصافير في عشاشها، صرخوا بالجوق الأوّل ربّي، وبالجوق الثاني يسوع، وصاح الجميع بمارون "مجد هذه الأرض لك" وستبقى ووعد علينا أن نحفظها بالدم، فقال مارون "لبنان" اسمه، فقالوا "مجد لبنان أعطي لك"، هذا المجد أعطيه لكم بدوري، حافظوا عليه وبمشلحكم ردوا عنه النار، وقولوا لمن شاء اضطهادكم، ها إننا حاضرون وللعلامة وضع كاهنهم الأكبر صليباً على تلة ورمى حجرة من فوق، فلم يسمع صداها، فنظر إلى مارون وقال، يا معلمي نعدك أن كل من يقترب من هذه الأرض سيخفى صداه إلى الأبد ولن يسمع إلّا صوت الله.