سؤال: كنت في حالة غضب، وتسمكت برأى معين، وأصدرت على تنفيذه، وأقسمت باسم الرب أنه إذا لم ينفذ، فسأغادر المنزل توًا. فماذا أفعل إذا لم ينفذ ذلك الأمر؟ هل أنفذ قسمى؟
سؤال آخر: وهبني والديّ شيئًا، ثم أشعرتني أمي أني أطمع بما يملكه والديّ، فأقسمت في لحظة غضب بألا أقبل الهبة.. ثم صالحتني أمي بعدها.. ماذا أفعل؟ أبي سيتضايق إذا رفضت الأمر، وسأظل في حزن بسبب أمي، رغم انني أنا أتحمل مسؤولية ذلك فالخطأ خطأي بحلفاني في لحظة الغضب هذه.. لذلك فكرت في حل: أنني حلفت أن لا آخذ منهما شيئا (كهبة أو مجانا من أب لإبنه ) إذن سأدفع ثمن الهبة. وأبلغت والدي بذلك لهما فرفض وأصرا على منحي إياها مجانا، إلا أنني تمسكت بموقفي وقلت : سأقبل فقط أن أشتريها ولو بسعر مخفض - صدقوني أنني لا أحلف بطبيعتي ولا أكذب ولكنني أخطأت وحلفت، فهل الحل الذي قررته يعفيني من اليمين؟ أم أنه يعتبر تحايل وخداع للرب؟ وإن أصروا فهل هذا يعفيني من اليمين؟ أرجوكم ساعدوني لأعلم الموقف الروحي الرسمي للكنيسة؟
الإجابة:
لا يصح لك مطلقا أيها الأخ أن تقرر مصيرك في ساعة غضب. لأن الإنسان في ساعة غضبه لا يكون تفكيره متزنًا، ويتصرف تحت ضغط أعصابه وانفعالات وقد يقرر أمورًا خطرة عليه، فلا يصح أن يتقيد بها. لذلك خذ قراراتك وأنت في حالة هدوء. وقبل أن تقرر قرارًا حاسمًا في حياتك، اطلب إرشاد الله بالصلاة، واستشر أن اعترافاتك، واعرض الأمر على أصدقائك الروحيين.
من الخطأ أن تغضب وتثور. خطأ آخر أن تقرر قرارات في ساعة غضبك. وخطأ ثالث أن تقسم باسم الرب وخطأ رابع أن تترك المنزل في حالة انفعال. وخطأ خامس أن ترغم الناس على تنفيذ شيء تحت ضغط التهديد بأن تترك المنزل. وخطأ سادس أنك لم تفكر في الخطورة التالية بعد ذلك، أي ماذا يكون مصيرك عندما تترك المنزل.. ومادام الأمر قد ازدحم بالأخطاء فلا مانع مطلقا من إعادة التفكير في الموضوع. حسن جدًا أنك قد بدأت تستشير.
رجوعك في قرار هو فضيلة، وعدم تنفيذ لقسم خاطئ هو تصرف صالح لأنه منع للنفس من الاسترسال في الخطأ. لقد أقسم هيرودس الملك أن يعطى تلك الراقصة ما تريد، فطلبت رأس يوحنا المعمدان. فهل كانت رجولة من هيرودس أنه نفذ قسمه وقطع رأس يوحنا؟! كلا، بل كان الأصلح أن يرجع في قسمه لأنه قسم خاطئ .
اطلب من الرب أن يغفر لك هذا القسم. لا تنفذه. فكِّر في هدوء وليكن الرب مرشدًا لك
وبالنسبة للسؤال الثاني -وينطبق عليه كله ما سبق كذلك- هناك فرق بين القسم والنذر.. فالقسم الخاطئ يجب الرجوع عنه والتوبة والتعود على التحكم في النفس وقت الغضب.. أما النذر فهو الذي لا يمكنك الرجوع فيه.. كما يقول الكتاب: "أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ" (سفر الجامعة 5: 5). فلا تقلق يا أخي من الأمر ما دام كان في لحظة انفعال وغضب.. وكن حكيمًا..
وثانيًا، بإمكانك أن تعوِّض أهلك بطرق أخرى عديدة، وليس فقط بالطريقة المادية البحتة.. فمحبتهم لك قابلها بمحبة وعرفان كبير، حتى في اللحظات التي تكون أنت فيها على حق، وترى أنه قد جانبهم الحق فيها.. فيقول كتاب الله:
"يَا بُنَيَّ، أَعِنْ أَبَاكَ فِي شَيْخُوخَتِهِ، وَلاَ تَحْزُنْهُ فِي حَيَاتِهِ. وَإِنْ ضَعُفَ عَقْلُهُ فَاعْذِرْ، وَلاَ تُهِنْهُ وَأَنْتَ فِي وُفُورِ قُوَّتِكَ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ لِلْوَالِدِ لاَ تُنْسَى. وَبِاحْتِمَالِكَ هَفَوَاتِ أُمِّكَ، تُجْزَى خَيْرًا. وَعَلَى بِرِّكَ يُبْنَى لَكَ بَيْتٌ" (سفر يشوع بن سيراخ 3: 14-17).