الكوليفا في المسيحيّة: هي من أقدم العادات المسيحيّة.
اعتمد المؤمنون المسيحيّون عمليّة تقريب القمح مثل ما استعملوا البخّور والشمع وغيرها من الوسائل التي كانت تستعملها الشعوب في العالم ولكن بلاهوت مختلف تمامًا. فلم يعد الموت هو "قاهر الإنسان" بل غُلب الموت تحت أقدام الرّب يسوع المسيح القائم من بين الأموات بسلطان ذاته، وباتوا يقرّبون القمح كعربون وشكر وتمجيد للرّب الذي أعطى الإنسان الحياة الآبديّة.
ولا يهم إن تشابهت الوسائل أو التقديمات أحيانًا بين المسيحيين وغيرهم من الناس، فهذا أمر طبيعي لأن الإنسان هو كتلة مشاعر ويعتمد المنتوجات الطبيعية والزراعيّة والوسائل المتاحة بين يديه في العبادة والتكريم كالزهور والرياحين مثلًا، الفرق، لا بل كلّ الفرق، يكمن في الإله المعبود وإلى من تُقدم العبادة والصلوات.
أمّا ما يشار إليه اليوم بال«كوليفا» فهو خلطة مؤلّفة بشكلًّ أساسي من القمح المسلوق والمكسّرات (اللوز والجوز المطحونان)، وقد تختلف بعض مكوّناتها بين مُعّدٍ وآخر، فنجد الكعك والسكّر والزبيب والرمّان والبقدونس أو النعناع والقرفة.
تُقدّم الكوليفا في أعياد القدّيسين وفي ذكرانيّات الراقدين، وتوضع في طبق كبير الحجم، ليُصلّى عليها في نهاية خدمة القدّاس الإلهيّ في وسط الكنيسة، ويضاء بجانبها شمعةً أو شمعتين إشارةً إلى نور المسيح والحياة الآبديّة، وتقام صلاة مختصة بالذكرى، ثمّ تُوزَّع على المصلّين في أكواب صغيرة. في المقابل يقول المؤمنون «يرحم الله روحه أو روحها» إذ كان الأمر يتعلّق بذكرى راقد أو راقدة، أو يقال «بشفاعة
القدّيس أو القدّيسة فلان أو فلانة يا مخلّص خلّصنا» إذ كانت ذكرى قدّيس أو قدّيسة.
تُزيّن الكوليفا من الخارج بمسحوق السكّر بالإضافة إلى مواد أخرى ذُكرت أعلاه، ويكون شكل الزينة إمّا صليب أو شكل أيقونة القدّيس المقام تذكاره.
في بعض البلدان مثل روسيا يُستبدل أحيانًا القمح بالأرز، ارتباطًا بالمجاعة التي حلّت سابقًا في هذه البلاد إذ كان القمح معدومًا، وكذلك في اليابان حيث الأرز هو الطعام الأساسي وليس القمح.
شرح مكوّنات الكوليفا
القمح ... يرمز الى قيامة الراقدين، كما قال الرّب يسوع المسيح له المجد: “إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير” (يو ٢٤:١٢).
الرمّان... يرمز إلى جمال الفردوس
السكّر... يرمز الى حلاوة الملكوت
المكسّرات ... تُشير الى عظام الراقدين.
الكعك المطحون ... يرمز الى التراب الذي نعود اليه.
النعناع أو البقدونس ... هما استعادة ما يقال في الجناز في مقرّ خُضرة.