لي إيمان أن أعيش حتّى يأتي السيّد المسيح

إلتقيت بشيخ مسنّ فقلت له مازحًا:
- أرجو أن تعيش، أيضًا، خمس عشر عامًا مبارَكًا في هذا العالم. ففوجئت بالشيخ يقول لي:
- خمس عشر عامًا فقط… لي إيمان أن أعيش حتّى يأتي السيّد المسيح على السحاب!!!
يبدو أنّه من الصعب أن يتقبّل الإنسان سرعة خروجه من العالم. وإن كان كثير من المؤمنين يترقّبون بفرح خروجهم إلى الفردوس.
جاء في قصّة شعبيّة أنّ شابًا وقف به ملاك الموت، فجأة، وقال له: - من أنت؟
- أنا ملاك الموت!
- ماذا تطلب؟
- أطلب نفسك الآن!
- كيف يكون هذا، وأنا لا أزال شابّا ولي طفلان صغيران؟! إنّي فقير، ولم أجمع لهما شيئًا بعد. كيف سيعيشان بعد موتي؟ أرجوك، أعطني فرصة حتّى أدبّر أمور الطفلين.
- سأقبل عذرك، لكنّني سأعود، مرّة أخرى، إليك، وعندئذ، لن أقبل أيّ عذر منك.
- أرجو قبل حضورك أن ترسل لي رسولاً حتّى لا أفاجأ بحضورك.
- أعدك بذلك.
استيقظ الشابّ وكان مضطربًا للغاية، وأخذ يفرك يديه، ويقرص جلده خشية أن يكون ما رآه في الحلم حقيقة، ولكنّه سرعان ما أدرك أنّه لم يكن هذا كلّه إلاّ حلمًا مزعجًا.
عبرت سنوات وسنوات، وصار الرجل غنيًا جدًّا، وتزوّج ابناه، وإذ شاخ وتقدّم في الأيّام كثيرًا، جاءه ملاك الموت يطلب نفسه. فقال الرجل له:
- كيف تطلب نفسي، وأنت قد وعدتني أن ترسل لي رسولاً يخطرني بحضورك؟ فأرجو أن تفي بوعدك، ثمّ عد، بعد ذلك، واطلب نفسي!!!
- لقد وفيت بوعدي، فأنا لم أرسل لك رسولاً واحدًا، فقط، بل سبعة رسل: الرسول الأول هو عيناك اللتان كانتا حادّتان، والآن قد صارتا عاجزتين تضعان نظارتين لتريا بوضوح. والنبيّ الثاني الذي تنبّأ لك بقرب قدومي كان الأذنين، فهما كانتا حادتيّ السمع، أيضًا، وأصبحتا، الآن، لا تكادان تسمعان حتّى صوت البوق العالي.
والرسول الثالث كان أسنانك، فلقد كنت تأكل اللحم وكلّ طعام قويّ، وأمّا الآن، فأصبحت تكتفي بالخضار المسلوقة وكلّ طعام سهل المضغ. وأمّا الرسول الرابع، فمها يداك اللتان كانتا تشتغلان أصعب الأعمال وأقساها، وأمّا الآن، فقد أمستا ترتجفان ولا تقويان على مسك شيء كبير.
الرسول الخامس هو رجلاك اللتان كانت تركضان مسافات كبيرة أثناء قيامك باألعابك الرياضيّة، وأمّا الآن، فهما تحتاجان إلى عصا لتستندا إليها.
الرسول السادس هو عقلك الذي كان يزن الجبال كما يقال، وأمّا الآن فاصبح ينسى أمورًا كثيرة، وإن أراد سرد قصّة ما، فإنّه لا يقوى على سردها بتسلسل كما كان.
وأخيرًا، الرسول الأخير كان موت جارك، إذ حسبت أنّك ستعتبر من موته، وتتذكّر أنّك لا بدّ أن تصير مثله. أرأيت كيف وفيت بوعدي، ولم أنسك.
وإذ سمع الرجل ذلك سلم نفسه بين يديّ ملاك الموت.
أحبّاءنا، نرجو أن نتعظ من هذه القصّة، ونتذكّر آخرة حياتنا لتكون سلاميّة مقدّسة بلا خطيئة ولا شكّ في الإيمان، عسانا نقف أمام منبر الديّان غير مدانين.

تذكّر أواخرك،
فلن تخطئ أبدًا

اعداد راهبات دير القديس يعقوب الفارسي المقطع

» دخول السيّد إلى الهيكل
» لماذا أعيش؟؟ سؤال يُحير الملايين
» حتّى النّسمة الأخيرة
» قصّة حقيقيّة : محبة حتّى المنتهى
» زوادة اليوم: دع البحيرة حتّى تهدأ