لقد جعل الله لآدم زوجة كي تكون معينة له. والمعنى الأصلي لكلمة (معين) هو الإحاطة، فالزوجة هي التي تحيط زوجها بالمحبة والمشاركة واللطف.
فإذا كانت دعامة الرجل قوية ارتبط الإثنان معاً في وحدة شركة مباركة، وفي هذه الحالة
تستطيع الزوجة أن تحيط زوجها بصدى بركاته لها بكيل جيد ملبَّد ومهزوز وفائض، لأن أثرها
الكامل كمعينة محيطة به يتوقَّف على مدى تأثيره كضابط ورابط لوحدتهما معاً.
وربما يكون من الملذ أن نعرف معنى كلمة زوجة في اللغة الإنجليزية: الناسجة أو الحائكة.
فالزوج في خدمته الروحية يقدم لزوجته النعم الغنية والبركات التي تحيكها بدورها في نسيج الحياة الزوجية بما يؤدي إلى فرح الأسرة كلها وبركتها، وبذلك لا يأخذ الزوج ما يعطيه فقط، بل يأخذه مزيداً، كيلاً ملبداً ومهزوزاً. فكل حبة من حبات البركة الروحية يعطيها الزوج لزوجته تتزايد، وتعود إليه مضاعفة.
حين أخذ الله حواء من جسد آدم أخذها ضلعاً صغيراً ثم أعادها إليه في صورة مضاعفة من الأيدي الخادمة، والعيون المتطلعة إليه بشغف، والأقدام التي تتبعه أينما ذهب، والعقل الذي يشاركه التفكير والتدبير، والآذان التي تصغى إلى كل كلمة يقولها .
جسم كامل حي، ونفس تحبه وهكذا وما زال الله يُكثر للرجل ما يأخذه منه.
وأيضاً كما تكون الأسرة يكون المجتمع. فالأسرة هي الوحدة الأساسية للحياة الإجتماعية.
الله نفسه هو الذي أسس شريعة الزواج منذ آدم وحواء.
فعندما خلق الله العالم رأى كل شيء في الجنة حسناً ما عدا وجود آدم وحده :
لَيْسَ جَيِّداً أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِيناً نَظِيرَهُ» (تكوين ٢: ١٨)
فتمم هذا.
وأُخذت حواء منه، وأُعطيت إليه لتكون له معينة ورفيقه وأعتقد أنه لهذا السبب كما يُردد كثيراً خُلقت المرأة من أحد أضلاع آدم، لا من قدمه لئلا يطأها، ولا من رأسه لئلا ترأسه، ولا من يده لئلا يتحكم فيها، بل من جنبه لكي تكون بجانبه، ومن تحت ذراعه فيحميها، وبالقرب من قلبه فيحبها.
الزواج جميل. ومع أن حياة العزوبية أفضل في بعض الأحيان لكنها ليست مطلوبة في كل الأحوال.
والله هو الذي تمم إجراءات أول زواج، فإنه بعد أن خلق حواء :
أَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ (تك ٢: ٢٢)
وللزوج وللزوجة أعطى الله البنين.
فقد بارك الله البشر : وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَٱكْثُرُوا وَٱمْلأُوا ٱلأَرْضَ» (تك ١: ٢٨)
وتكرر هذا الأمر أكثر من مرة. ولقد قصد الله أن يكون الأولاد بركة للبيت، لا عبئاً أو نيراً على الوالدين.
ليست الأبوة أو الأمومة استشهاداً :
هُوَذَا ٱلْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ ٱلرَّبِّ، طُوبَى لِلَّذِي مَلأَ جُعْبَتَهُ مِنْهُمْ» (مز ١٢٧ : ٣ و٥)