من اقوال الآباء لقبول تأديب الرب
حسب الآية :
"يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولا تكره توبيخه. لان الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بابن يسرّ به"أمثال( 3 : 11 )
1. يقبل المؤمن كل ضيقة كتأديب من الرب وليس من الناس، فإن الله يؤدب من واقع طبيعته بكونه "الله محبة"، مؤكدًا طبيعته التي تشع علينا بالحب مهما بدا التأديب قاسيًا. إن أيّ تأديب، وإن صدر من قلب حنون، يُحسب قاسيًا إن قورن بالتأديب الإلهي. الرب يؤدب حسبما يرى فيه بنياننا وقدر ما نحتمل!
2. إن قبلنا التأديب بلا شكر يتحول إلى توبيخ مرّ فنخور. وكأن ما يحل بنا من متاعب يتوقف إلى نظرتنا للتأديب الإلهي، فالنظرة الخارجة من قلب بنوي يرى في التأديب بنيانًا فتتهلل نفسه، أما المتذمر فيرى فيه توبيخًا مرًا.
3. جميع الأبناء شركاء في التأديب... بدونه يكون الإنسان ابنًا غير شرعي (من النغول)!
الله في محبته الأبوية يفتقدنا أحيانًا بالضيقات والأمراض لأجل بنياننا لكي يجعلنا حكماء وصالحين. أما من جانبنا فإذ نُدرك بنوتنا له لا ننهار أمام التجارب، مهما ثقلت أو طال زمانها. لا نيأس قط ولا نُخطئ، بل ننتظر خلاص الرب بشكر.
الله لا يضرب بالسياط أبناء الشيطان، إنما يلطم أبناءه هو. فإن حلول التأديبات شهادة صالحة أنك تنتمي إليه، إذ يقول أليفاز التيماني في حديثه مع أيوب أثناء تجربته: "هوذا طوبى لرجل يؤدبه الله، فلا ترفض تأديب القدير، لأنه هو يجرح ويعصب، يسحق ويداه تشفيان. في ست شدائد ينجيك، وفي سبعٍ لا يمسك سوء" (أي17:5-19).
القديس بولس الرسول
+ توجه الكلمات: "يا ابني لا تبتعد عن تأديب الرب" إلى إرادة الإنسان الحرة. قال الرب: "طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو32:22)، حتى يستند الإنسان بالنعمة.
القديس أغسطينوس
+ يعلمنا أن نشكر ونفرح أكثر فأكثر عندما نُحسب أهلًا للتأديب. يقول: "الذي أُحبه أؤدبه". يا لك من خادم طوباوي، إذ يهتم الرب بإصلاحك. إنه يتنازل ويغضب معك! إنه لا يخدعك فيخفي توبيخاته!
في كل الأحوال يلزمنا أن نرتبط بالالتزام بالصبر، سواء كانت (التجارب) بسبب أخطائنا أو صادرة عن شباك العدو، أو هي توبيخات من قبل الرب. فإن مكافأة هذا الواجب (الصبر) عظيمة، ألا وهي السعادة. لأنه من هو هذا الذي يدعوه الرب سعيدًا إلا الصابر، قائلًا: "طوبى للمساكين بالروح، فإن لهم ملكوت السموات"
العلامة ترتليان
+ هكذا تأديب الحكمة ("لأن الذي يحبه الرب يؤدبه" ) يسبب آلامًا لكي تجلب فهمًا وترد السلام والخلود.
القديس اكليمنضس السكندري
+ إن كان الله يوبخ من يحبه، ويوبخه بقصد إصلاحه، هكذا فإن الاخوة، خاصة الكهنة، لا يكرهون من يوبخونهم بل يحبونهم، وذلك لأجل إصلاحهم. فإن الله أيضًا سبق فأنبأ خلال إرميا مُشيرًا إلى وقتنا هذا، قائلًا: "وأعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بطعام التأديب" (إر15:3).
القديس كبريانوس
+ التوبيخ هو إحضار الخطية ووضعها أمام الشخص. هذا النوع من التعليم ضروري إلى أعلى الدرجات، وذلك بسبب ضعف إيمان الكثيرين... يستخدم الله لغة الألم والضرب التي للتوبيخ مع تقديم تعزياته بواسطة سليمان، فيلمح إلى المحبة بطريقة خفية نحو الأبناء الذين يتفاعلون مع تعليمه. "يا ابني لا تحتقر تأديب الرب...". "الإنسان الخاطئ يهرب من التوبيخ" (ابن سيراخ 21:32). لهذا يقول الكتاب: "ليُوَبخني البار ويردني، أما زيت الخاطئ فلا يدهن رأسي".
القديس اكليمنضس السكندري
+ الآن يُعاقب الله بغضب أبناء الغضب، لكنه يُعاقب (يؤدب) برحمة أبناء النعمة.
القديس أغسطينوس
+ اسمع كلمات داود: "خير لي أنك أذللتني لكي أتعلم فرائضك" (مز71:119). ويقول نبي آخر: "جيد للرجل أن يحمل النير في صباه" (مرا 27:3). وأيضًا: "طوبى للرجل الذي تؤدبه يا رب" (مز12:94). وآخر يقول: "لا تحتقر تأديب الرب" (أم11:3). وأيضًا: "إن تقدمت لتخدم الرب أعدد نفسك للتجربة" (ابن سيراخ 1:11). كما قال السيد المسيح لتلاميذه: "في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن افرحوا" (يو33:16).
وأيضًا: "أنتم ستحزنون، ولكن حزنكم يتحول إلى فرح" (يو20:16). وأيضًا: "ما أضيق الباب" (مت14:7). أرأيتم كيف تُمتدح الضيقة في كل موضع؟!
القديس يوحنا الذهبي الفم
+ ليُنصح المرضى أنهم يدركون بأنهم أبناء الله عندما يُجلدون بسياط التأديب. لأنه لو لم يهدف الله إلى إعطائهم ميراثًا بعد إصلاحهم لما كان يهتم بتثقيفهم بالأحزان. لهذا يقول الرب ليوحنا بواسطة الملاك: "من أُحبه انتهره وأؤدبه" (رؤ19:3؛ أم11:3). كُتب أيضًا: "يا ابني لا تحتقر تأديب الرب، ولا تخُر إذا وبّخك، لأن الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله" (عب5:12، 6). يقول المرتل: "كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب" (مز20:33). أيضًا يصرخ أيوب الطوباوي في حزنه ويقول: "إن تبرَّرت لا أرفع رأسي، إني شبعان هوانًا وناظر مذلتي" (أي15:10).
ليُقال للمرضى إنهم إن كانوا يؤمنون بالمدينة السماوية أنها مدينتهم، فإنهم يحتاجون أن يحتملوا أتعابًا في هذه المدينة كمن هم في أرضٍ غريبة. فإن كان يلزم ضرب الحجارة بالفأس في الخارج حتى تُوضع بدون صوت الفأس في مبنى هيكل الرب، هكذا أيضًا نحن الآن نُضرب بالسياط من الخارج حتى نوضع فيما بعد في مواضع داخلية بدون ضربات التأديب، في هيكل الله.
في النهاية تُنتزع هذه الضربات ما هو غير نافع ولا ضروري، وخلال وحدة الحب وحدها نرتبط معًا في البناء.
الأب غريغوريوس (الكبير)