كل عمل قام به المسيح كان مدعاة فخر للكنيسة الجامعة،
وأعظم المفاخر كلها كان الصليب.
وإذ عرف بولس ذلك قال:
"وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر
إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غلا 6: 14).
من العجيب أن المولود أعمى يرى النور في سلوام (يو9: 8).
ولكن ماذا يهمّ ذلك عميان العالم أجمع؟
إنّه لأمر عظيم وخارق للطبيعة
أن يقوم لعازر من الموت في اليوم الرابع (يو11: 34، 44)،
ولكنّه حظي بالنعمة وحده،
فماذا يهمّ ذلك الذين ماتوا بخطاياهم في العالم أجمع؟
إنّه لمعجزة أن يتغذّى خمسة آلاف رجل بخمسة أرغفة (متى14: 21 –
مر6: 44 – لو9: 13 – يو6: 10)،
ولكن ماذا يهمّ ذلك الذين يتضوّرون جوعاً في العالم أجمع؟
وعجيب أن تُحلّ امرأة كان قد ربطها الشيطان
منذ ثماني عشرة سنة (لو13: 10 – 17)،
ولكن ماذا يهمّنا ذلك نحن جميعاً المرتبطين بسلاسل الخطايا؟
إنّ تاج الصليب هو الذي أضاء الذين كان يعميهم الجهل،
وحرّر الذين كانوا أسرى الخطيئة، وافتدى البشر أجمعين.
لا تعجب من أن العالم بأسره قد افتُديَ،
لأن الذي مات لأجلنا لم يكن مجرّد إنسان، إنّما ابن الله الوحيد.
إن خطيئة إنسان واحد، وهو آدم،
قد استطاعت حقاً أن تُدخل الموت إلى العالم (رو5: 17).
فإذا كان بعصيان واحد ساد الموت العالم،
فكيف ببرّ واحد لا تسود الحياة بالأكثر؟ (رو5: 17).
وإذا كان آدم وحواء طُردا من الفردوس بسبب شجرة الأكل (تك 3: 22-23)،
أفلا يدخل المؤمنون الفردوس بسهولة أكثر بسبب شجرة يسوع؟
إذا كان الإنسان الأول المجبول من التراب أدخل الموت الشامل،
أفلا يستطيع الذي جبله من التراب (تك2: 7)،
وهو الحياة (يو14: 6)، أن يمنحه الحياة الأبدية؟
إذا كان فنحاس قتل الفاسق بدافع الغيرة
فأخمد غضب الرب (عدد225: 8، 11)،
أفلا يرفع يسوع الغضب عن البشر من دون قتل أحد،
بل ببذل نفسه عنهم؟ (1 تيم 2: 6).
فلا نخجلنّ من صليب المخلّص، بل فلنفتخر به
لأن عقيدة الصليب (معثرة لليهود وحماقة للوثنيين).
وأمّا لنا فهي سبيل الخلاص (كو1: 20).
القديس كيرلّس الأورشليمي