نحن نؤمن بالله ونَأمَن إليه.
والفعلان مختلفان في معناهما.
فأن يأمَن المرء إلى الله يعني أن يثق به
ويقتنع بحقيقة وعوده المعطاة له.
أما أن يعتقد به عقيدة قويمة ويتبع وصاياه.
علينا أن نقتبل الإثنين، أن نكون صادقين من الجهتين.
أن نؤمن عن طريق الذين ينظرون إلى الله باستقامة
وأن نبقى أمينين لله في كل ما وعدنا وأوصانا وهكذا نتبرّر.
"لأن إبراهيم آمن بالله فحُسب له برّاً" (رو4: 3).
كيف كان ذلك؟ وعده الله بنسل وهو إسحق
وأنّه به تتبارك قبائل إسرائيل كلّها.
ثم أُمِر بأن يذبح ابنه الوحيد الذي به يتحقّق الوعد.
فأسرع وأطاع. وفي الوقت نفسه لم يزل يعتبر وعد الله حقيقة.
أرأيت كيف يكون الإيمان الذي يبرّر؟ لقد وعدنا المسيح بميراث حياة أبدية،
بالنعيم والمجد والملكوت، وفي الوقت نفسه طلب منّا أن نفتقر،
أن نصوم، أن نعيش في البساطة والشدّة،
أن نكون مستعدّين لأن نصلب أنفسنا مع الأهواء والشهوات.
إن كنّا نتبع وصاياه هذه، وفي الوقت نفسه نؤمن بما وعدنا به،
نأمن إلى الله على مثال إبراهيم ونتبرّر...
هكذا فإن عيشنا في نعمة وصايا الله:
التعقّل، العدل، التواضع، الصبر على كلّ شدّة وإساءة، مقابلة الشرّ بالخير،
وكذلك تقشّف الجسد بالأصوام والأسهار،
وعامة صلب نفوسنا مع الأهواء والشهوات،
كل ذلك برهان على صحّة إيماننا بمواعيد المسيح،
فيمنحنا الله بالمقابل الحياة الأبدية والنعيم الأزلي والمجد والملكوت.
لذلك يتوجّه الرب يسوع المسيح إلى تلاميذه قائلاً:
طوبى للمساكين بالروح (الفقراء) لأن لهم ملكوت السموات.
طوبى للحزانى، طوبى للرحماء،
طوبى للمضطهدين من أجل البرّ (متى5: 3)،
الويل للأغنياء الويل للضاحكين،
الويل للذين يشبعون، الويل لكم إذا مدحكم الناس (لوقا6: 24-26).
من لا يتطلّع إلى التطويبات فحسب بل إلى اللعنات أيضاً،
كيف لا يعود يأمن إلى الله،
يقول يعقوب في رسالته: "أرني إيمانك من أعمالك" (يع 2: 18)،
وأيضاً: " من هو حكيم وعالم بينكم
فليُرِ أعماله بالتصرّف الحسن في وداعة الحكمة" (يع 3: 13).
القديس غريغوريوس بالاماس