متى نؤمن اننا للحياة خُلِقنا؟
نترك الحياة ونهجرها، في سعينا نحو الموت!!!
نعم هي الأيامُ تمضي، بنا، وبدوننا أيضاً.... والسنينُ تتوالى، في حالِ عشناها بحق، او لم نعشها...
كثيراً ما نتجاهلُ واقعنا،
ولحظاتنا الآنية،
وحقيقة الحياة التي نحياها،
وجوهرها،
ومعناها،
وسِرُّ وجودنا فيها، فقط لأننا لسنا نُثَمِّنُها بوعيٍ وأدراك....
كثيراً ما نُسايرُ الاحداث،
ونؤدي ما هو مفروضٌ علينا،
ونلتزمُ مُجبَرين ببعض الخطوات التي تأخذنا نحو الامام دون رغبةٍ مِنّا، إنما لمجرد الشعور بأنه لا مفرَّ لنا.....
نتقدمُ بعض خطواتٍ،
ورُبما نرتقي قليلاً،
وقد يشعُّ نجمُنا ويتألق،
إنما ليس برغبةٍ حقيقة مِنّا نابعة من عمق الأعماق،
ولا بسبب طموحنا الذي ينبضُ صداهُ في قلوبنا،
ولا هو غايةٌ في النفسِ نسعى اليها بشغف،
بل هي فقط ( حقيقة وواقع حال) نشعر اننا مُرغمونَ عليها!!...
ما أسوأ حالُنا، وكم هي بائسةٌ حياتنا....
ليس لنا القدرة على الاستمتاع بالحياة،
ولا حتى تذوق حلاوتها، وشهدها، وعذوبتها،
ولسنا قادرين على الشعور بالجمالِ الخفيِّ، الحاضر فيها....
نحنُ في آلامنا قد قتلنا الحياة في اعماقنا،
وعلَّقنا الفرح على حِبال الموت،
ونَحرنا بحدِّ السيف كُلَّ الأماني، والطموحات، والاحلام....
نحنُ في اوجاعِنا، بِتنا أصِمّاء لا نسمعُ صوت الحياة،
بل نحنُ، وبدونِ صوتٍ او حتى همسٍ، نستمرُ في صُراخِنا،
وأنينا،
ونحيبنا الحارق،
الصامت،
المُختنق في الصدور..
نحنُ في معاناتنا، وحرقتنا، ومرارِنا، قد ضِعنا،
وتاهت خُطانا في الظلام،
وتَشَرَّدنا في أزقّةٍ من السواد الحالك الذي يقضي على بصيرتنا،
ووعينا،
وإحساسنا، وحتى إيماننا بذواتنا.....
ننتظرُ تحتَ حُطامِ الذكريات الأليمة بسكونٍ سلبي،
نرفعُ أصواتنا صراخاً وبكاءً ونحيب، إنما ليس ليتمَّ إنقاذنا،
بل للتمتعِ بالرثاءِ على ذواتنا!!...
نحنُ نُحبُّ الرثاء،
ونتلذذُ بالنحيب المرير،
ونرتاحُ بذرفِ وابلِ الدموع الحارقة،
وتهدأ نفوسنا عندما نستنفذُ طاقاتنا بالأسى والأوجاع!...
غريبٌ حالُنا، ومُعقَّدةٌ هي تركيبتنا...
نُكَرس عمرنا كُلُهُ للحُزنِ، والبؤسِ والأسى،
مهمومونَ،
متأسفونَ،
نائحونَ، و راثونَ على الفرحِ، والحبِّ، والحرية، والنجاح الذي منحناهُ ثمناً لحالة البؤس التي تبنيناها!!....
نترك الحياة ونهجرها، في سعينا نحو الموت،
من ثم نُقيمُ عزاءً ابدياً على ما فاتنا منها، وما لم نُدركه في عُمقِ ظلامنا....
نستهينُ بفرص الفرح والحب المُقَدَّمة لنا، ونتغاضى عنها باستخفاف، من ثم نعاتبُ ذواتنا حتى النفس الأخير بسببِ خسائِرنا التي صنعناها بجهلِنا المُدقَع....
نَخلُدُ لِسُباتٍ عميقٍ، ثقيلٍ، مُعتِمٍ وبارد،
رافضينَ الإستيفاق،
مُتجاهلينَ بوادر الفجر الجديد،
مُتغافلينَ عن سيرِ الأحداث،
وتقدم الزمن،
و نمو الحياة من حولنا،
من ثم نستيقظُ وفي اعماقنا تنهُدات الندم،
وتَحَسُّراتٍ مريرة على ما فاتنا، وما ضاعَ مِنّا، وما خسِرنا.....
كم نحنُ فُقراءَ بالرجاء،
وضُعفاءَ في الإيمان،
ونرضى في الفرح،
وعاجزونَ في عيش الحياة!!...
متى تُرانا نفهم؟
متى تحينُ الساعة لنستفيقَ من سُباتنا؟
متى نرفعُ رؤوسنا فنُعاين النور، ونُبصر الطريق، ونسير نحو الفرح؟
متى نؤمن أننا للحياةِ خُلِقنا، وإن جائنا الموت؟.
وأننا للسيرِ قُدماً نحو الحب قد دُعينا منذُ جُبِلنا؟..
متى نفهم أننا، ومهما توَقَفنا، فان الحياة تستمر؟..
معنا،
وبدوننا،
هي تستمر...
بنا،
وبغيرنا،
هي تستمر....
انما اين ايماننا؟
واينَ كرامتنا المُقدسة؟
واينَ هي إنسانيتُنا، إن كُنّا لا نحيا الحياة؟....
رُحماك يا رب